قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَسْتَخْرِجُهُ.
قَالَ: «قَدْ عَافَانِى اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا»
فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ.
تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِى مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ. يُقَالُ الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ، وَالْمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ). [صحيح البخاري:]
قلت: (حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم رواه الشافعي والحميدي وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل والبخاري ومسلم وابن ماجه والنسائي والطحاوي وأبو يعلى وابن حبان والبيهقي والواحدي والبغوي، وليس فيه عند جميعهم ذكر نزول المعوذتين.
وروى اللالكائي في شرح السنة وأبو القاسم الأصبهاني في كتاب الحجة في بيان المحجة كلاهما من طريق أحمد بن إبراهيم العبسقي عن محمد بن إبراهيم بن عبد الله عن أبي عبيد الله المخزومي عن سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فذكر الحديث بنحو رواية الجماعة وزاد في آخره:
قالت: ونزلت {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} حتى ختم السورة).
وذكر ابن حجر في التلخيص أن هذه الزيادة في تفسير سفيان بن عيينة رواية أبي عبيد الله عنه، وهي الرواية التي أخرجها اللالكائي وأبو القاسم الأصبهاني.
والذي يظهر لي أن هذه الزيادة معلولة لأمور:
أولها: مخالفة الأئمة الثقات الحفاظ وهم جمع كثير ومخرج الحديث عندهم واحد؛ فقد روى هذا الحديثَ عن هشامِ بنِ عروةَ: أبو أسامة الحافظ، وعبدُ اللهِ بن نمير، وعيسى بن يونس، وابن أبي الزناد، والليث بن سعد، وأبو ضمرة أنس بن عياض، ومعمر بن راشد، ويحيى القطان، ووهيب بن خالد، وعلي بن مسهر، ولم يذكروا فيه المعوذتين.
فهذا يبين مخالفة هذه الزيادة لو صحت عن سفيان بن عيينة لجماعة من الأئمة رووا الحديث عن هشام.
الأمر الثاني: أن الشافعي والحميدي وعبد الله بن محمد المسندي قد رووا هذا الحديث عن سفيان بن عيينة عن هشام به، وليس فيه هذه الزيادة، ورواية المسندي أخرجها البخاري في صحيحه، ورواية الحميدي في مسنده، ورواية الشافعي أخرجها البيهقي.
الأمر الثالث: أن ابن عيينة أول ما سمع هذا الحديث من عبد الملك بن جريج عن بعض آل عروة ثم سمعه من هشام، كما ذكر ذلك الحميدي في مسنده، وابن جريج كثير التدليس؛ فجائز أن تكون تلك الزيادة مما دخل عليه من حديث بعض آل عروة ولا نعرف حالهم، وجائز أن تكون عن بعض من قد يدلس عنهم ابن جريج، وجائز أن تكون مدرجة من بعضهم ثم أسندت خطأ، هذا إذا صحت نسبتها إلى سفيان ولم تكن مما أدرج من أحد رواة تفسيره.
الأمر الرابع: أن هذه الزيادة فيها نزول سورة الفلق مفردة، فخالفت ما صح من نزولهما جميعًا.
الأمر الخامس: أن ظاهر أحاديث عقبة بن عامر تدل على أن المعوذتين نزلتا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حال صحة وسفر، والله تعالى أعلم).
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[23 - 12 - 09, 10:47 م]ـ
الحديث الثاني: حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه
قالَ أَحْمَدُ بنُ حَنبَل (ت:241هـ): (حَدَّثنا أَبو مُعَاوِيَةَ حَدَّثنا الأَعمشُ عَن يَزِيدَ بنِ حَيَّانَ عَن زيدِ بنِ أَرقمَ قالَ: سَحَرَ النَّبىَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ رجلٌ مِنَ اليهودِ.
قالَ: فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيامًا.
قالَ: فَجاءَهُ جِبرِيلُ عَليهِ السَّلامُ؛ فقالَ: إِنَّ رَجُلاً مِنَ اليهودِ سَحَرَكَ عَقَدَ لَكَ عُقَداً عُقَداً فِى بئرِ كَذا وَكذا فَأَرسِلْ إِلَيْهَا مَنْ يَجيءُ بهَا؛ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فَاسْتَخْرَجَهَا فَجَاءَ بِهَا فَحَلَّلَهَا.
قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَمَا ذَكَرَ لِذَلِكَ الْيَهُودِىِّ وَلاَ رَآهُ فِى وَجْهِهِ قَطُّ حَتَّى مَاتَ). [مسند الإمام أحمد:32/ 14]
¥