قالَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ (ت:249هـ): (حدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ يونسَ، ثنَا أبو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعمشِ، عَن يزيدَ بنِ حَيَّانَ، عَن زيدِ بنِ أرقمَ، قالَ: سَحَرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ اليهودِ.
قَالَ: فاشتكَى فأتَاه جبريلُ فنزَلَ عَلَيهِ بالمعوِّذَتينِ، وَقالَ: (إِنَّ رَجُلاً مِنَ اليَهُودِ سَحَرَكَ، وَالسِّحْرُ فِي بئرِ فُلان).
قال: فَأَرْسَلَ عَلِيًا فَجَاءَ بهِ.
قالَ: فَأَمَرَهُ أَن يَحُلَّ العُقَدَ، وَتُقْرَأَ آيةٌ، فَجَعَلَ يَقَرَأُ وَيَحُلُّ حَتَّى قَامَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا أُنشِطَ مِن عِقَالٍ.
قالَ: فَمَا ذَكَر رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ اليهوديِّ شَيئًا مِمَّا صَنَعَ بهِ؟
قالَ: وَلا أَرَاهُ فِي وَجْهِهِ). [مسند عبد بن حميد:1/ 116]
قلت: (حديثُ زيدِ بنِ أرقم رُوِيَ من طرق:
الطريقُ الأوَّل: طريق جرير عن الأعمش عن ثمامة بن عقبة عن زيد بن أرقم، وقد أخرجه الطبراني في معجمه الكبير من طريق إسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة وعلي بن المديني ثلاثتهم عن جرير به، وأخرجه الحاكم في مستدركه من طريق أحمد بن حنبل عن جرير به، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وليس فيه ذكر نزول المعوذتين، وهو أقرب إلى رواية هشام بن عروة.
الطريق الثاني: طريق شيبان عن الأعمش عن ثمامة عن زيد بن أرقم بمثل رواية جرير أخرجه الطبراني في الكبير.
الطريق الثالث: طريق سفيان الثوري عن الأعمش عن ثمامة عن زيد بن أرقم أخرجه ابن سعد في الطبقات، والبزار في مسنده، وفي إسناده عندهما موسى بن مسعود وهو أبو حذيفة النهدي، وليس فيه ذكر نزول المعوذتين.
الطريق الرابع: طريق أبي معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم، واختلف فيه فرواه ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي والطبراني وأبو الشيخ الأصبهاني والبغوي من طرق عن أبي معاوية عن الأعمش به، وليس فيه ذكر نزول المعوذتين.
ورواه عبد بن حميد والطحاوي في مشكل الآثار كلاهما من طريق أحمد بن يونس عن أبي معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم وذكر فيه نزول المعوذتين.
فهذه الزيادة تفرد بها أحمد بن يونس وهو إمام ثقة قال عنه أحمد بن حنبل: شيخ الإسلام، لكنه خولف في هذه الزيادة فقد روى الحديث عن أبي معاوية أحمد وابن أبي شيبة وهناد بن السري دون ذكر هذه الزيادة.
فمن صحح روايته ذهب إلى القول بموجبها واعتبرها من باب زيادة الثقة كما فعل الألباني، ومن اعتبرها مخالفة حكم عليها بالشذوذ لمخالفة أحمد بن يونس بقية الرواة عن أبي معاوية ثم مخالفة هذه الزيادة لطرق الحديث الأخرى.
والحديث إسناده صحيح وقد صححه الحافظ العراقي والألباني وقال: هو على شرط مسلم، وصحح إسناد هذه الزيادة).