تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المنهج التعليمي عند المقرئين د. جايد زيدان مخلف]

ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[01 - 06 - 05, 03:03 م]ـ

المنهج التعليمي عند المقرئين


مقدمة في المنهج التعليمي
عند المقرئين

د. جايد زيدان مخلف

((سمع الأحنف بن قيس التميمي أحدهم يقول: التعلم في الصغر كالنقش في الحجر، فرد الأحنف قائلا: الكبير اكبر عقلا ولكنه اشغل قلبا)).
البيان والتبيين للجاحظ
- 1 -
كان المقرئون هم الروَّادَ الأوائل في نشر المعرفة والتعليم، وعلى أيديهم نشأت العلوم اللسانية من نحو وصرف ومعاجم وبلاغة، والعلوم الشرعية من تفسير وفقه وحديث وما شابه ذلك، ولكن أحدا لم يحدثنا في مقام واحد عن المنهج الذي اتبعه أولئك المقرئون في مسيرتهم التعليمية، فكانت الحاجة ماسة إلى بحث يجمع الشتات المتفرقة في موضع واحد، وإعادة النظر في هذا الأسلوب المتبع في التعليم، ومدى الإفادة منه في الوقت الحاضر، والتدبر في أثر هذا الأسلوب في تقويم اللسان عند السابقين، واستشراق الصعوبة التي يعانيها طلاب اللغة العربية في الوقت الحاضر، بحيث لا يتمكن من تقويم لسانه من لحن في اعراب، أو حرج في تلفظ، كلُّ هذا يستدعي التوقف وتقليب النظر في الموضوع، علنا أن نهتدي إلى ما يخدم أبناءنا الطلبة في هذا المضمار.
فالقصد الذي ينزع اليه البحث إذن هو الكشف عن المنهج الذي أُتِّبِعَ في تعليم القرآن وحفظه واستظهاره، ومدى صلاحية هذا المنهج للوقت الحاضر، وما الأضرار التي لحقت النشئ من ترك هذا المنهج من ضعف عام في سليقة هذه اللغة، وعدم استقامة اللسان على الفصحى، وعدم القدرة على الكتابة بصورة صحيحة تتوخى فيها استقامة العبارة ودقة التركيب، وضبط القراءة المعبرة عن المعنى.
فهو يرمي إلى علاج داء استشرى، ويصلح أن يكون مقدمة لباحثين يتوغلون في جزئيات الموضوع، إذ أن السابقين كانوا قد تركوا لنا شذرات في صفة هذا المنهج نجدها في كتب التفسير والتراجم، ومن هذه الشذرات صُغتُ هذه المقدمة.
- 2 -
والأصول الأولى للمنهاج الذي اتبع في اقراء القرآن يلتمسه الباحث من آي الذكر الحكيم، والاخبار التي أحيط بها ذلك النزول من قبيل تلك الاشارات التي تتعلق بالآيات التي يمكن بسط القول فيها، وأولها قوله تعالى: {إقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم}.
حيث ذكر الرازي في قوله تعالى {إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم} مسائل:
أولها: (قال بعضهم: إقرأ أولا لنفسك، والثاني للتبليغ، أو الأول للتعلم من جبريل، والثاني للتعليم ... ) ().
فنجد منذ بدء نزول الآيات الأولى كان هناك منهج في تعلم القرآن وتعليمه، وتلقينه تلقينا، حيث أن جبريل عليه السلام - لم يدع الرسول ? حتى أعاد قراءتها عليه، ونقشت في قلبه، بعد أن غطه ثلاث مرات، والغط: هو العصر الشديد، وذلك ليهيء نفس الرسول ? للاستقبال والتلقي: قال تعالى: {وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم} [سورة النمل آية 6]، ومن معاني التلقي التلقين، قال ابن منظور: (والرجل يلقى الكلام: أي يلقنه) ()، فالرسول ? لقن القرآن من جهة جبريل عليه السلام ثم أعاد هذه القراءة على جبريل وعرفها عليه (وعرض الشيء عليه أراه إياه) () فكان تعلم الرسول ? يسير وفق هذين الأمرين، التلقي والعرض.
ويرافق التلقي أمور، منها: الاستماع التام، والتدبر، وعدم العجلة، والتدرج، وعدم النسيان لغرض التطبيق العملي لمفهوم القرآن، والقرآن يتحدث عن هذه الأمور جميعا.
قال تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} [الأعراف آية:204]، وقال: {أفلا يتدبرون القرآن} [النساء آية 82]، قال ابن كثير: (يقول تعالى آمرا لهم بتدبر القرآن، وناهيا لهم عن الاعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة) ().
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير