كما أن (العرضة الأخيرة) أفادت النص النهائي للقرآن ونسخت بعض ما كان مقروءاً كآية الرجم وما شابه ذلك .. ولا يوجد دليل بأن تلك العرضة ألغت القراءة بالأحرف السبعة التي استمر الصحابة يقرؤون بها إلى زمن الخليفة عثمان ..
وكل الروايات التاريخية توضح حقيقة الاختلاف الكبير بين جمع القرآن في زمن إبي بكر عن جمعه في زمن عثمان رضي الله عنهما ...
ليتني أجد رواية صحيحة تقول خلاف ذلك .. !
رواية بلسان صحابي .. لا بلسان عالمٍ من المتأخرين ....
ويقول:
في خلافة عثمان رضي الله عنه اتسعت الفتوح وتفرق المسلمون في الأمصار والأقطار، وكان أهل كل إقليم من أقاليم الإسلام يأخذون بقراءة من اشتهر بينهم من الصحابة، فأهل الشام يقرءون بقراءة أبي بن كعب، وأهل الكوفة يقرءون بقراءة عبد الله بن مسعود وغيرهم يقرأ بقراءة أبي موسى الأشعري، فكان بينهم اختلاف في وجوه القراءة،
والاختلاف آنذاك في قراءات أولئك الصحابة رضي الله عنهم كان - أحياناً - في تغيّر الكلمة وعدم تشابهها في الرسم، وليس فقط اختلاف في النطق وفي زيادة حرف المد أو حرف الواو ...
أكثر ما رُوي عن قراءات الصحابة لا يحتمله الرسم العثماني .. !
وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أن المصاحف مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة متضمنة لما ثبت من القراءات المتواترة في العرضة الأخيرة لأنها كما علمت كانت خالية من النقط والشكل فكانت محتملة للأحرف السبعة، لا على معنى أن كل مصحف مشتمل على جميع الأحرف السبعة بل على معنى أن كل مصحف منها مشتمل على ما يحتمله رسمه من هذه الأحرف، وأن مجموعها لا يخلو عن الأحرف السبعة.
كأنه يريد القول إن (العرضة الأخيرة) كانت بقراءات متعددة ...
فهل من دليل .. ؟
أم هو تقليد فقط .. ؟
كما أن الشيخ هنا يخلط بين الأحرف السبعة والقراءات .. !
ويقول:
كان نسخ هذه المصاحف بإشراف الخليفة عثمان، وأعلام الصحابة من المهاجرين والأنصار، وكانوا لا يكتبون في هذه المصاحف شيئاً إلا بعد أن يعرض على الصحابة جميعاً ويتحققوا أنه قرآن، وأنه لم تنسخ تلاوته، واستقر في العرضة الأخيرة، فلم يكتبوا ما نسخت تلاوته ولم يكن في العرضة الأخيرة، ولا ما كانت روايته آحاداً، ولا ما ليس بقرآن كالذي كان يكتبه بعض الصحابة مصاحفهم الخاصة شرحاً لمعنى، أو بياناً لناسخ أو منسوخ أو نحو ذلك.
وهذا صحيح .. ولكن (ما استقر في العرضة الأخيرة وما لم تنسخ تلاوته) لا يتعلق بمسألة الأحرف السبعة .. بل بالآيات التي نُسخت لفظاً ومعنى أو نسخت لفظاً فقط كآية الرجم ..
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا عن صحابته رضي الله عنهم أن تلك العرضة الأخيرة قد ألغت القراءة بالأحرف السبعة، بدليل أن الصحابة ظلوا يتلون القرآن بأحرف مختلفة إلى زمن الخليفة عثمان رضي الله عنه ..
وقال:
وقد كتبوا مصاحف متعددة، لأن عثمان قصد ارسال ما وقع عليه اجماع الصحابة إلى الأقطار الإسلامية، وهي أيضا متعدده، وكتبوا في المصاحف متفاوتة في الحذف والإثبات، والنقص والزيادة، وغير ذلك لأنه قصد اشتمالها على الأحرف السبعة التي نزل عليها القران الكريم، وجعلت خالية من النقط والشكل تحقيقاً لهذا الغرض أيضاً ....
هذا قول بعض المتأخرين وبلا دليل .. بل ولا يتفق مع صريح الأدلة التي تحكي أن الخليفة والصحابة رضي الله عنهم جميعاً أرادوا جمع الناس على حرف واحد وقراءة واحدة ومصحف واحد ..
على اعتبار أن القراءة بالأحرف السبعة كان من أجل التخفيف على الأمة وتسهيل حفظها وتدبرها لمعانيه، ولما تمادى الناس في العمل بهذه الرخصة وانتشرت قراءات بعيدة عن المعنى الأصل وبدأ الناس يفتتنون ويكفر بعضهم بعضاً قرر الصحابة الاكتفاء بحرف واحد ليحسموا أمر الخلاف في قراءة كتاب الله ..
وما جاء في كلام الشيخ وغيره إنما هو مبني على استنتاج واستقراء لما وجدوه من تنوع القراءات والقراء وتنوّع المصاحف في عصر التابعين وتابعي التابعين ..
وللحديث بقية
ـ[أبو فارس المصباحي]ــــــــ[24 - 11 - 09, 04:37 ص]ـ
أنصح الجميع بقراءة الكتاب الذي أخبرنا به الأخ الفاضل/ حسين بن محمد
الدكتور غانم - وفقه الله وحفظه - من مجددي هذا العصر، ومن العلماء المبدعين، فاحرص على اقتناء كافة كتبه في علوم القرآن واللغة. تجدها كلها تقريبا بدار عمار، إلا بعض كتبه كشرح الجزرية [أنفس شرح للجزرية فيما رأت عيني] صدر حديثا، تجده عند ابن الجوزي بالدمام وغيرها.
وكتابه في الرسم مفيد أيضا بخصوص موضوعك السابق حول تاريخ القرآن، وكذا كتاب (تاريخ القرآن) للدكتور عبد الصبور شاهين، احرص على اقتنائه، نشرته (نهضة مصر) بالقاهرة، فيه فوائد نفيسة قيمة، وكذا بحث (حديث الأحرف السبعة) للدكتور عبد العزيز القارئ، ومن الكتب القديمة (الانتصار) للباقلاني، وكذا كتاب أبي شامة المقدسي.
والله الموفق.
عنوان الكتاب: رسم المصحف: دراسة لغوية تاريخية
المؤلف: غانم قدوري الحمد
نبذة عن الكتاب: الجمهورية العراقية: اللجنة الوطنية لإحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري - الطبعة الأولى - 1402 هـ 1982 م - أصل هذا الكتاب رسالة ماجستير - 827 صفحة - الحجم: 14 ميجا
تاريخ إضافته: 15/ 10 / 2008
شوهد: 755 مرة
التحميل المباشر: اضغط هنا ( http://s203995553.onlinehome.us/waqfeya/books/23/77/rmdlt.rar)
¥