الثانية: إذا وقع بعدها اسم الجلالة في القسم بأن قيل (هالله لأفعلن كذا) , قال في الهمع: فتحذف الألف لأن (ها) المستعملة من حروف القسم لا تستعمل إلا مع الاسم الكريم فكأنه حرف واحد , قال في التحرير وحواشيه: ومن حروف القسم الهمزة و (ها) التنبيه و إن لم يشتهرا , و تسميتها في تلك الحالة ها التنبيه مجاز لأنها حينئذ حرف جر للقسم , مثلها الهمزة نحو (ألله لأفعلن) كأنها بدلها , وقال في الهمع في مبحث التقاء الساكنين: وشذ إثبات الألف في قولهم في القسم (هالله) , و (إي الله) بإثبات الألف والياء.
الثالثة: إذا جاء بعدها ضمير مبدوء بالهمز نحو (هأنا و هأنتم) بخلاف (هاهو و هاهي و نحن) , وخص بعضهم هذا الحذف بالخط المتبع لا المخترع.
و أما (ذا) التي هي اسم إشارة فتحذف ألفها في حالين:
الأولى: في الإشارة إلى اثنين كقوله (هذان خصمان).
الثانية: مع لام البعد المذكورة مثل (ذلك و ذلكما و ذلكم و ذلكن) ومنه قوله تعالى (قالت فذلكن الذي لمتنني فيه) , كأنهم استكثروا حروف اللفظة بتركبها من ثلاث كلمات , وتوسطت الألف بخلافها مع لام الملك المفتوحة كأن تقول (ذا لك و ذا لكما و ذا لكم و ذا لكن) لأن الألف لم تتوسط ولا تركيب , وأما الأف التي في (فذالك) الذي هو جمع (فذلكة) فليست من موضوع الكلام الذي هو (ذا) الإشارية , لأن الفاء فيه من بنية الكلمة فلا يشتبه عليك (فذلك) بـ (فذالك).
يرجع في ذلك إلي كتاب (المطالع النصيرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية) للشيخ نصر الهوريني رحمه الله طبعة بولاق 184 وما بعدها.
أما السبب في ذلك فأسلافنا ذكروا أن الكتاب ربما يحذفون من الكلمة ما هو فيها , ويثبتون فيها ما ليس منها , وألفاظ أسلافنا في التعليل: (كثرة الاستعمال , التخفيف , الاختصار , كون المعنى لا يخل , استغناء بما أبقي عما ألقي إذا كان في الكلام دليل على ما يحذفون من الكلمة على قول ابن قتيبة في أدب الكاتب).
وقد نقل الدكتور غانم قدوري الحمد في كتابه (رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية) 65 عن فندريس في كتابه (اللغة) أن عامة الكتابات الأبجدية تهمل كثيرًا من من تفاصيل النطق من الشدة والتنغيم وغيرها , كذلك نجد الكتابات السامية القديمة قد أهملت تمثيل الحركات , قصيرة كانت أم طويلة , مما تلافته بمرور الزمن بنظم تكميلية , ولا نزال نجد بقايا ذلك في كتابتنا في كلمات محدودة مثل (هذا , هذه , ذلك , لكن ... ).
أرجو أن يكون فيما كتبته الكفاية والإغناء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا