ثمرة التين هي ثمرة غير حقيقية مركبة، تتكون نتيجة لنمو نورة مخروطية الشكل تحوي بداخلها الأزهار المؤنثة التي تبطن جدار النورة من الداخل، والأزهار المذكرة التي تنتشر حول الفتحة الخارجية للنورة، وهي فتحة ضيقة في أعلى النورة، وتنضج الأزهار المؤنثة عادة قبل نضج الأزهار المذكرة، ولذلك يسخّر الخالق سبحانه وتعالى حشرة خاصة تعرف باسم ذات البلعوم المتفجر ( Blastophaga) تقوم بتلقيح نورات التين من خلال منفعة متبادلة بينهما، تقوم فيها نورات شجرة التين بتهيئة المكان الدافئ الأمين للحشرة تضع فيه بيضها حتى يفقس، ثم تغذي صغارها حتى يكتمل نموها، وعند خروجها من النورة يحتك جسمها بالأزهار المذكرة فيتعفر بحبوب اللقاح التي تحملها إلى الأزهار المؤنثة، فتتم بذلك عمليه الإخصاب اللازمة لإثمار شجرة التين.
ويتكون على شجرة التين سنويّاً ثلاثة أجيال من النورات: الجيل الأول منها يحمل أزهاراً مذكرة وأخرى حاضنة للحشرات، وتحمل نورات الجيل الثاني أزهاراً مؤنثة فقط تلقحها الحشرات الخارجة من نورات الجيل الأول فتخصبها؛ وبذلك تمثل المحصول الرئيسي لشجرة التين، أما نورات الجيل الثالث فتحوي أزهاراً حاضنة للحشرة المتعايشة معها فقط، وفيها تقضي الحشرة فصل الشتاء.
فمن الذي وضع هذا النظام الرتيب لإثمار شجرة التين غير الله الخالق؟! ومن الذي دلّ تلك الحشرة على مسكنها في نورة شجرة التين كي تخصبها بحركتها من نورة إلى أخرى غير الله الخالق؟! والعلاقة بين نورة التين وهذه الحشرة تعتبر من أعجب العلاقات المعروفة لنا بين النبات والحيوان.
من منافع ثمرة التين:
تحتوي ثمرة التين على نسبه عالية من الكربوهيدرات تصل إلى (53%) من وزنها، أغلبها من السكريات الأحادية والمركبات النشوية، بالإضافة إلى نسبة صغيرة من البروتينات في حدود (3.6%)، ونسب أقل من أملاح كلٍّ من البوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنيسيوم، والفوسفور، والحديد، والنحاس، والزنك، والكبريت، والصوديوم، والكلور. كما تحتوي ثمرة التين علي العديد من الفيتامينات، والأنزيمات، والأحماض، والمواد المطهرة، بالإضافة إلى نسبة كبيرة من الألياف (تصل إلى 18.5 %) ونسبة أكبر من الماء. وعلى ذلك فهي ثمرة غنية بمواد عديدة وبنسب منضبطة يحتاجها الإنسان في غذائه.
ومن الأنزيمات الخاصة بالتين ما يعرف باسم أنزيم التين أو أنزيم فيسين ( Ficin) ثبت أن له دوراً مهمّاً في عملية هضم الطعام.
وقد تمكن اليابانيون من إثبات وجود مركب كيميائي من نوع الألدهيدات الأروماتية في ثمرة التين يعرف باسم البنزالدهايد ( Benzaldehyde) وتركيبه الكيميائي ( C6H5CHO)، وقد تم عزله من ثمار التين، وثبت أن له قدرة على مقاومة مسببات الأمراض السرطانية.
كذلك اكتُشفت في ثمرة التين مجموعة من المركبات النشوية التي تعرف باسم مجموعة السوراليتر ثبت أنها تلعب دوراً فعالاً في حماية الدم من أعداد من الفيروسات والبكتيريا والطفيليات التي تتسبب في كثير من الأمراض من مثل فيروس الالتهاب الكبدي.
وتوجد هذه المجموعة بوفرة في ثمار التين، وفي الدبس الناتج عنه، وفي كلٍّ من عصائره وأنواع المربات المصنوعة منه.
كذلك ثبت أن للتين فوائد عديدة في إدرار اللبن وفي علاج حالات البواسير، والإمساك المزمن، والنقرس، وأمراض الصدر، واضطراب الحيض، وحالات الصرع، وتقرحات الفم، والتهابات كلٍّ من اللثة واللوزتين والحلق، وفي علاج مرض البهاق، وفي إزالة الثآليل، وفي اندمال الجروح والتقرحات المختلفة.
من هنا كان القسم بالتين في القرآن الكريم وتسمية سورة من سوره باسم سورة التين.
ثانيا ً: في القَسَم بالزيتون:
جاء ذكر الزيتون وزيته في سبعة مواضع مختلفة من كتاب الله، منها القسم به مع التين في مطلع سورة التين، وشجرة الزيتون شجرة مباركة وكذلك ثمرتها، فهي شجرة معمّرة قد تعيش لأكثر من ألف سنة، وتعتبر من أهم نباتات الزيوت، ويعتبر زيتها من أصح الزيوت لاحتوائه على نسبة ضئيلة من الأحماض الدهنية، وأن ما به من دهون هي دهون غير مشبعة؛ ولذلك لا تتسبب فيما تتسبب فيه بقيه الزيوت من ارتفاع نسبة الدهون الضارة بالدم مما يؤدي إلى تصلب الشرايين وضيقها وانسدادها، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها من الأمراض.
¥