تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أمعن النظر في كلام ومكي وابن الجزري في قضية اشتراط صحة السند يجد أنه يشير أيضا للتواتر. قال الشيخ عبد الفتاح القاضي:" والحاصل أن القراءة إن خالفت العربية أو الرسم فهي مردودة إجماعا ولو كانت منقولة عن ثقة، وإن كان ذلك بعيدا جدا بل لا يكاد يوجد وإن وافقت العربية والرسم ونقلت بالتواتر فهي مقبولة إجماعا،وإن وافقت العربية والرسم ونقلت عن الثقات بطريق الآحاد فقد اختلف فها،فذهب الجمهور إلي ردها وعدم جواز القراءة بها في الصلاة وغيرها سواء اشتهرت واستفاضت أم لا، وذهب مكي بن أبي طالب وابن الجزري إلي قبولها وصحة القراءة بها بشرط اشتهارها واستفاضتها، أما إذا لم تبلغ حد الاشتهار والاستفاضة فالظاهر المنع من القراءة إجماعا،ومن هنا يعلم أن الشاذ عند الجمهور ما لم يثبت بطريق التواتر وعند مكي ومن وافقه ما خالف الرسم والعربية ولو كان منقولة عن الثقات أو ما وافق الرسم والعربية ونقله غير ثقة أو نقله ثقة ولكن لم يتلق بالقبول ولم يبلغ درجة الاستفاضة والشهرة "ا. هـ القراءات الشاذة صـ7

وقال الشيخ /محمود حوا:" وكلا القولين – فيما أراه والله أعلم - مؤداه واحد والخلاف بينهما لفظي، لأن الرسم منقول بالتواتر ومجمع عليه من قبل الأمة، كما أن القولين في الواقع متفقان في النتيجة على قبول القراءات العشر كلها والقراءة بها. ا.هـ

قال السيوطي في الإتقان:" اعلم أن القاضي جلال الدين البلقيني قال: القراءة تنقسم إلى متواتر وآحاد وشاذ. فالمتواتر القراءات السبعة المشهورة والآحاد قراءات الثلاثة التي هي تمام العشر، ويلحق بها قراءة الصحابة. والشاذ قراءة التابعين كالأعمش ويحيى بن وثاب وابن جبير ونحوهم، وهذا الكلام فيه نظر يعرف مما سنذكره. وأحسن من تكلم في هذا النوع إمام القراء في زمانه شيخ شيوخنا أبو الخير بن الجزري قال في أول كتابه النشر: كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرن، ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أوشاذة أوباطلة، سواء كنت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم.

هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف، صرح بذلك الداني ومكي والمهدوي وأبو شامة، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافة. قال أبو شامة في المرشد الوجيز: لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى أحد السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وأنها أنزلت هكذا، إلا إذا دخلت في ذلك الضابط وحينئذ لا ينفرد بنقلها عن غيره، ولا يختص ذلك بنقلها عنهم، بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يحرجها عن الصحة، فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه، فإن القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم.

ثم قال ابن الجزري: فقولنا في الضابط ولوبوجه نريد به وجهاً من وجوه لا يعد مخالفاً إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة مستفاضة، ولذا لم يعدوا إثبات ياء الزوائد وحذف ياء تسئلني في الكهف وواو وأكون من الصالحين والظاء من بظنين ونحوه من مخالفة الرسم المردودة، فإن الخلاف في ذلك مغتفر، إذ هو قريب يرجع إلى معنى واحد وتمشية صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول، بخلاف زيادة كلمة ونقصانها وتقديمها وتأخيرها حتى ولو كانت حرفاً واحداً من حروف المعاني فإن حكمه في حكم الكلمة لا يسوغ مخالفة الرسم فيه، وهذا هو الحد الفاصل في حقيقة أتباع الرسم ومخالفته. قال: وقولنا وصح إسنادها نعني به أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله وهكذا حتى ينتهي وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن غير معدودة عندهم من الغلط أومما شذ بعضهم. قال: وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن، ولم يكتف بصحة السند وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأن ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت في قرآن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير