بين بين قاله الدانى وغيره.
الرابع: تخفيف الإسقاط وهو أن تسقط الهمزة رأسا وقد قرأ به أبو عمرو فى الهمزتين من كلمتين إذا اتفقتا فى الحركة فأسقط الأولى منهما على رأى الشاطبى وقيل الثانية فى نحو (جاء أجلهم) ووافقه على ذلك فى المفتوحتين نافع من طريق قالون وابن كثير من طريق البزى وجاء هذا الإسقاط فى كلمة واحدة فى قراءة قنبل عن ابن كثير فى (أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم) بإسقاط همزة (شركائي)
الثالث: أن القراءات توقيفية وليست اختيارية خلافا لجماعة منهم الزمخشرى حيث ظنوا أنها اختيارية تدور مع اختيار الفصحاء واجتهاد البلغاء ورد على حمزة قراءة (والأرحام) بالخفض ومثل ما حكى عن أبى زيد والأصمعى ويعقوب الحضرمى أن خطئوا حمزة فى قراءته (وما أنتم بمصرخي) بكسر الياء المشددة وكذا أنكروا على أبى عمرو إدغامه الراء عند اللام فى < يغفلكم >
وقال الزجاج إنه خطأ فاحش ولا تدغم الراء فى اللام إذا قلت مرلى بكذا لأن الراء حرف مكرر ولا يدغم الزائد فى الناقص للإخلال به فأما اللام فيجوز إدغامه فى الراء ولو أدغمت اللام فى الراء لزم التكرير من الراء وهذا إجماع النحويين.انتهى
وهذا تحامل وقد انعقد الإجماع على صحة قراءة هؤلاء الأئمة وأنها سنة متبعة ولا مجال للاجتهاد فيها ولهذا قال سيبويه فى كتابه فى قوله تعالى (ما هذا بشرا) وبنو تميم يرفعونه إلا من درى كيف هى فى المصحف
وإنما كان كذلك لأن القراءة سنة مروية عن النبى ? ولا تكون القراءة بغير ما روى عنه قال ابن مجاهد إذا شك القارىء فى حرف هل هو ممدود أو مقصور فليقرأ بالقصر وإن شك فى حرف هل هو مفتوح أو مكسور فليقرأ بالفتح لأن الأول غير لحن فى بعض.
قال نافع: قرأت على سبعين من التابعين فما اجتمع عليه اثنان أخذته، وما شك به واحد تركته حتى ألفت هذه القراءة. وقرأ الكسائي على حمزة وغيره، فاختار من قراءة غيره نحوا من ثلاثمائة حرف، وكذا أبو عمرو على ابن كثير، وخالفه في نحو ثلاثة آلاف حرف اختارها من قراءة غيره."ا. هـ
ومما سبق من النقولات يتضح الآتي:
انتشار القراءة وذيوعها في قطر من الأقطار مع قبول الناس ـ أي القراء ـ لها، هذا هو التواتر عند القراء وهو يوافق المحدثين من حيث الشهرة والاستفاضة.
رد شبهة أن سند القراء آحاد.
ذكر البعض أن أسانيد القراء مبناها علي الانفراد ـ أي الآحاد ـ ولما وردت هذه الشبهة أجيب عنها بقوله:"
ويجاب عن هذا ونظائره بقول العلامة الدمياطى - رحمه الله -: "
فإن قيل: الأسانيد إلى الأئمة، وأسانيدهم إليه –صلى الله علية وسلم - على ما فى كتب القراء ات آحاد، لا تبلغ عدد التواتر أجيب: إن انحصار الأسانيد فى طائفة لا يمنع مجىء القراء ات عن غيرهم، وإنما نسبت القراءات إليهم لتصديهم لضبط الحروف، وحفظ شيوخهم فيها، ومع كل واحد منهم فى طبقته ما يبلغها عدد التواتر ثم إن التواتر المذكور شامل الأصول والفرش وهذ ا الذى عليه المحققون "اهـ. إتحاف فضلاء البشر بالقراء ات الأربع عشر" ص 7.
وقد نبه الشيخ طاهر الجزائرى إلى خطورة هذا المعتقد فى القراء ات فقال:
". . اعلم أن من قال: إن القراءات كلها لم تنقل إلا بطريق الآحاد المحضة غير سديد، لأنه يؤدى إلى أن يكون القران، فى كثير من المواضع، - وهى المواضع التى اختلفت فيها قراءة القراء- لا يهتدى إلى معرفة قراءته فيها على الوجه الذى ينبغى أن يقرأ به - وهو أمر ينافى ما ثبت عن الأمة من فرط عنايتها بامر القران " اهـ. . انظر "القراء ات القرأنية" للأستاذ عبدالحليم قابة ص 179 وعزاه إلى " التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرأن " للشيخ طاهر الجزائرى ص143.
ويعقب الأستاذ عبدالحليم قابة على قول الشيخ " طاهر الجزائرى " بقوله: " وقد سبق أن هذه الشبهة دخلت على من ذهب هذا المذهب بسبب نظره إلى أسانيد هذه القراءات فى كتب القوم. فلما رآها آحادا قال ما قال، وهذه غفلة عظيمة، أدت إلى قول وخيم العاقبة، وخطير الأثر فيما يتعلق بثبوت النص القرانى، فقد غفل هؤلاء عن أن ما ذكر من أسانيد إنما هو غيض من فيض، وقل من كثر" اهـ. القراءات القرأنية ص180.
¥