تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الله البجاوي]ــــــــ[11 - 05 - 10, 06:11 م]ـ

من آراء "ابن باديس" الّتي احتجت إلى تسليط الأضواء عليها رأيه في الشّيخ "عمر المختار"، الّذي كتب عنه تحت عنوان: "سيّد الشّهداء ورأس الأبرار" ما يلي:

» رحمه اللّه رحمة واسعة، وحشره مع النّبيّين والصّديقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيقا، اغتالت يد الطّغيان الاستعماري، بطلا من خيرة أبطال العرب ورأسا من أعظم رؤوسهم، ومجاهدا كان يقف في طليعة مجاهديهم، وصنديدا غالبته الأيّام فغلبها، وصارعته الحوادث فصارعَها، وحاربته دولة من أكبر دول الأرض بجنودها ودبّاباتها وطيّاراتها، فثبت أمامها ثبات الرّاسيات، متذرّعا بالإيمان متحصّنا بقوّة العزيمة معتدا باللّه، ولطالما انتصر وظفر، ولطالما انكسر وانحدر، فما زاده النّصر إلاّ عزيمة وما زاده الانْدِحارُ إلاّ ثباتا، واعتكف على قتال المعتدين الظّالمين وحوش الاستعمار الإيطالي، فكان في حربهم شريفا مسلما، مستميت (1) ساعة الملحمة، رؤوف (2) حليم (3) ساعة وضع الحرب لأوزارها .. ذلك هو سيّدي "عمر المختار" زعيم السّنوسييّن ببرقة، الّذي جاهد عشرين عاما دفاعا عن بيضة الإسلام وكرامة الوطن ضدّ الطّغاة المستعبدين، ولم تترك السّلطة الإيطاليّة من وسيلة سافلة وحشيّة إلاّ ارتكبتها لإخماد مقاومته، فأغلقت سائر زوايا السّنوسيّة في البلاد، و صادرت أملاكها ثمّ حصرت ثمانين ألفا من بقايا السّكان الّذين نجوا من المذابح وفظائع القتال الإيطالي، ضمن منطقة محاطة بالأسلاك الشّائكة كي لا يلتحقوا "بعمر المختار"، وأقامت على التّخوم المصريّة حراسة شديدة جدّا، كلّ ذلك وصنديد برقة رابض لا يأخذه في سبيل اللّه ضعف ولا وهن وكان يجول في ميادين القتال ممتطيّا صهوة جوادهِ الأدهم، وقد وهن عظمه ولم يتدارك الوهن قلبه، واشتعل رأسه شيبا واكتست لحيته لون القمر، وما استطاعت الثّمانون عاما الّتي قضاها في طاعة اللّه وجهاد في سبيله أن تقوِّس له ظهرا أو تضع له هامة .. إلى أن أقام له الإيطاليون


(1) مستميت: هكذا وردت في الكتاب والصّواب "مستميتا".
(2) رؤوف: هكذا وردت في الكتاب والصّواب "رؤوفا".
(3) حليم: هكذا وردت في الكتاب والصّواب "حليما".

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير