تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وخير دليل على ذلك ثناؤه الشّديد على واحد من كبار علماء الإباضيّة عندنا وهو الشّيخ "إبراهيم اطفيش" حيث كتب عنه "ابن باديس" ما يلي» هَبَط صديقنا الأستاذ العلاّمة الشّيخ "إبراهيم اطفيش" وادي النّيل مهاجرا إليه من وطنه الجزائر من قبل أن يولد الفتح، اكتسبنا صداقته من السنّة الأولى الّتي اتّخذ فيها الوطن المصري وطنا ثانيّا له، فكنّا نحن وجميع أفاضل المصرييّن نعجب بصدقه وصلابة دينه واستعداده للمشاركة في كل خير، فما قامت لخير الإسلام جماعة من ذلك الحين، ولا أرسل المنادون إلى الفلاح صوتهم في أمر، إلاّ كان الأستاذ "أبو إسحاق" الشّيخ "إبراهيم اطفيش" في مقدمّة المعينين على ذلك، ومقالاته المتعدّدة في هذه الصّحيفة وفي أختها الزّهراء شاهد على فضله، ودليل على حسن بلائه في سبيل وحدة المسلمين جزاه اللّه خيرا «آثار الإمام "عبد الحميد بن باديس" [3/ 116]، (الطّبعة الأولى من مطبوعات وزارة الشؤون الدّينيّة).

(عنوان1 إصرار ابن باديس على بدعة المولد النّبوي)

كان "ابن باديس" مصرّا على حضور هذه الاحتفالات بنفسه، والزّيادة على ذلك بإلقاء كلمة عن هذه المناسبة (العظيمة) في زعمه، والّتي هي بدعة ضلالة في حقيقة أمرها .. تابعوا معي أيّها القرّاء الكرام مدى تمسك "ابن باديس" ببدعة المولد حيث ألقى خطابا ارتجاليّا في نادي التّرقي قال فيه ما يأتي:

» بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، وعلى اسم الجزائر الرّاسخة في إسلامها، المتمسّكة بأمجاد قوميتها وتاريخها ـ أفتتح الذّكرى الأولى بعد الأربعمائة والألف من ذكريات مولد نبي الإنسانيّة ورسول الرّحمة سيّدنا ومولانا محمّد بن عبد اللّه عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام ـ في هذا النّادي العظيم الّذي هو وديعة الأمّة الجزائريّة عند فضلاء هذه العاصمة ووجهائها. لسنا وحدنا في هذا الموقف الشّريف لإحياء هذه الذّكرى العظيمة، بل يشاركنا فيها نحو خمسمائة مليون من البشر في أقطار المعمور كلّهم تخفق أفئدتهم فرحا وسرورا وتخضع أرواحهم إجلالا وتعظيما لمولد سيّد العالمين «(مجالس التذكير من حديث البشير النذير)، [ص 287].

ثمّ واصل كلامه قائلا:

» ما الدّاعي إلى إحياء هذه الذّكرى؟ المحبّة في صاحبها .. إنّ الشّيء يحبّ لحسنه أو لإحسانه وصاحب هذه الذّكرى قد جمع ـ على أكمل وجه ـ بينهما «(مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير)، [ص289].

ثمّ ازداد تمسّكا بهذه البدعة والاستدلال لها فقال:» فمن الحقّ والواجب أن يكون هذا النّبيّ الكريم أحبّ إلينا من أنفسنا وأموالنا ومن النّاس أجمعين ولو لم يقل لنا في حديثه الشّريف: "لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والنّاس أجمعين"، وكم فينا من يحبّه هذه المحبّة ولم يسمع بهذا الحديث؟ فهذه المحبّة تدعونا إلى تجديد ذكرى مولده في كلّ عام .. ما الغاية من تجديد هذه الذّكرى؟ استثمار هذه المحبّة ... «(مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير)، [من 289 إلى 295].

(عنوان1 موقف ابن باديس من مسألة والدي المصطفى عليه الصّلاة والسّلام وردّه لحديث الآحاد في العقيدة)

لا يجوز الإعراض عن السّنة النّبوية والاكتفاء بالقرآن الكريم وحده .. وللأسف هذا ما فعله الشيّخ "ابن باديس" في هذه المسألة .. وإلى القارئ الكريم أسوق كلامه فقد قال في معرض تفسيره لقوله تعالى:) وما كنّا مُعذّبين حتّى نبعث رسولا (ما يلي:» لمّا كان العرب لم يأتهم نذير قبل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلمّ بنّص هذه الآية وغيرها فهم في فترتهم ناجون لقوله تعالى:) وما كنّا مُعذّبين حتّى نبعث رسولا (، و) وأن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير (وغيرهما، وكلّها آيات قواطع في نجاة أهل الفترة ولا يستثنى من ذلك إلاّ من جاء فيهم نصّ ثابت خاصّ "كعمر بن لُحيّ" (هكذا وردت في الكتاب) أوّل من سيّب السّوائب وبدّل في شريعة إبراهيم وغيّر وحلّل للعرب وحرّم، فأبَوَا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ناجيان بعموم هذه الأدلّة ولا يعارض تلك القواطع حديث مسلم عن أنس (رضي اللّه عنه): (أنّ رجلا قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلمّ: يا رسول اللّه أين أبي؟ قال في النّار، فلمّا قفا الرّجل دعاه فقال: إنّ أبي وأباك في النّار)، لأنّه خبر آحاد فلا يعارض القواطع وهو قابل للتّأويل بحمل الأب على العمّ مجازا يحسنه المشاكلة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير