تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جوابه: الرّاجح هو الوجه الأوّل الّذي يجيز التّوسّل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نظرا لمقامه العظيم عند ربّه لوجهين، الأوّل: أنّ ذلك هو ظاهر اللّفظ ولا موجب للتّقدير ولا منافاة بين أن يكون في قوله أسألك وأتوجّه إليك بنبّيك وقوله إنّي توجّهت بك قد سأل بذاته، وفي قوله اللّهم شفّعه فيّ قد سأل قبول دعائه له وسؤاله .. والثّاني أنّه لمّا كان جائزا السّؤال من المخلوقين بما له مقام عظيم عندهم فلا مانع من أن يسأل اللّه تعالى بنبيّه بحسب مقامه العظيم عنده) (مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير) [ص 43].

ثمّ يبيّن "ابن باديس" موقف الصّحابة من التّوسّل بطريقة السّؤال والجواب فيقول:

(سؤال آخر: بعدما عرفنا رجحان سؤاله تعالى بالأسماء والصّفات والطّاعات، فهل ثبت عن الصّحابة سؤالهم وتوسّلهم بذاته؟.

جوابه: لم يثبت عن واحد منهم شيء من ذلك فيما لدينا من كتب السّنة المشهورة بل ثبت عدولهم عن ذلك في وقت مقتضٍ له لو كانوا يفعلونه، وذلك في حديث استسقاء عمر بالعبّاس رضيّ اللّه تعالى عنهما. فقد أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن أنس: أنّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعبّاس بن عبد المطّلب فقال: اللّهم إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم فتسقينا، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا، قال: فيسقون. ومعنى الحديث أنّهم كانوا يتوسّلون بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يدعو لهم في الاستسقاء ويدعون، ثمّ صاروا يتوسّلون بالعباس فيدعو لهم ويدعون، فالتّوسّل هنا قطعا بدعائهما لا بذاتهما .. ووجه الاستدلال بهذا الحديث على مرجوحية التّوسّل بالذّات: أنّ الصّحابة لم يقولوا في موقفهم ذلك: اللّهم إنّا نتوسّل إليك بنبيّنا أيّ بذاته ومقامه، بل عدلوا عن ذلك إلى التّوسّل بالعبّاس يدعو لهم ويدعون كما كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يفعل في الاستسقاء، ولقد استدلّ بعضهم بعدول الصّحابة عن التّوسل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في هذا المقام على منعه، ونحن لما بيّنا قبل من دليل جوازه إنّما نستدلّ بِعُدولِهم على مرجوحيته). (مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير) [ص 45 و 46].

فائدة: سئل الشّيخ العلاّمة "صالح الفوزان" عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السّعودية عن هذه المسألة هل هي من المسائل الفرعية أم من المسائل العقدية المهمّة، فكان جوابه كما يلي: (وصلتني رسالتكم الّتي طلبتم فيها الإجابة عن أسئلة في العقيدة وهي أولا: هل التوسّل بالمخلوقين أوحقّهم أو جاههم يعتبر أمرا مبتدعا ووسيلة من وسائل الشرك، والخلاف فيه يعتبر خلافا في مسائل العقيدة لا في مسائل الفروع لأنّ الدعاء أعظم أنواع العبادة ولا يجوز فيه إلاّ ما ورد في الكتاب والسنّة، ولم يرد في الكتاب والسنّة السؤال بالمخلوقين أوحقّهم أوجاههم، وإنّما ورد الأمر بدعاء اللّه مباشرة من غير توسّط بأحد من خلقه) وقال ربكم ادعوني أستجب لكم (،) فادعوا اللّه مخلصين له الدين وإذا انضاف إلى التوسّل بالمخلوق التقرّب إليه بشيء من القربات كالذّبح له والنذر له فهذا شرك أكبر كما قال تعالى:) ويعبدون من دون اللّه ما لايضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه (الأية .. ولمّا كان الدّعاء أعظم أنواع العبادة، والعبادة توقيفية فإنّه لا يجوز أن يدعى اللّه سبحانه وتعالى إلاّ بالكيفية الواردة في الكتاب والسنّة، وليس في تلك الكيفية التّوسّل بالمخلوقين أوحقّهم أو جاههم في الدّعاء فيكون بدعة وكلّ بدعة ضلالة .. واللّه أعلم) (وقفات مع كتاب للدّعاة فقط) ـ للشّيخ "محمّد بن سيف العجمي" ..

(عنوان1 رأي ابن باديس في مصطفى كمال " أتا تورك ")

أشاد "ابن باديس" "بمصطفى كمال أتاتورك" ورثاه رثاءً حارا، ووصفه بأوصاف لا تليق إلاّ بحاكم عظيم مسلم متديّن يعمل بشريعة اللّه ويطبّقها على شعبه، وقبل ذلك على نفسه، وحتّى لا أطيل على القارئ أنقل المقال بكامله ليقرأه كلّ منصف، وهو بعنوان: "مصطفى كمال رحمه اللّه .. " وقال فيه ما نصّه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير