تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيّها السّادة: إنّنا باحتفالنا هذا بذكرى شاعري العربيّة العظيمين "شوقي" و"حافظ" ـ نكرم سبعين مليونا من أبناء العربيّة الّذين يعدّون العربيّة لغتهم القوميّة .. ونكرم خمسمائة مليون من أبناء الإسلام الّذين يعدّونها لغتهم الدّينيّة، ونكرم الأمم المُتمدِّنة جمعاء الّتي يعترف أكابر علمائها المنصفين بمزيّة اللّغة العربيّة التّاريخيّة، على العلم والمدنيّة «.

ثم واصل "ابن باديس" ثناءه على الشّاعرين بما نصّه:» أيّها الإخوان: إنّ ممّا نفع "شوقي" اطّلاعه على آداب أمم أخرى في لغة أوروبيّة هي الفرنسيّة وإنّ ممّا نفع حافظا ما مسّه من الألم مع قومه، وقد كان يطالعُ "الأغاني" و "العقد الفريد" ويعيد مطالعتهما المرّة بعد المرّة، فعلى أدباء الجزائر وشعرائها أن يدرسوا آدابهم العربيّة، وأن يطالعوا الآداب الغربيّة في اللّغة الفرنسيّة، وأن يمازجوا قومهم ليألموا وينعموا ـ إن كان نعيم ـ لتكون لهم منزلة أدبيّة عالميّة، وآثار بارزة في الحياة الجزائريّة ..

أيّها الإخوان: إنّ حياة الشّاعرين العظيمين قد أخمدت نوابغ وأماتت قرائح، وإنّ موتهما بما نشاهد من تكريم العالم العربي لهما ستحي ملكات وتبعث همما فكونوا ـ وأنتم أنتم ـ في أوّل الرّعيل.

أيّها الإخوان: ليس للجزائر من "حافظ" إلاّ ما للأوطان العربيّة الأخرى من شعره وأدبه وفنون قوله، أمّا "شوقي" فقد قدر له أن يزور هذه الجزائر في شبابه، وينزل بعاصمتها أربعين يوما للاستشفاء، ويقول عنها: "ولا عيب فيها سوى أنّها قد مسخت مسخا، فقد عهدت مسّاح الأحذية فيها يستنكف النّطق بالعربيّة، وإذا خاطبته بها لا يُجيبك إلاّ بالفرنسيّة"، فاعجبوا لاستدلال على حالة أمّة بمسّاح الأحذية منها! ولا يجمل بي أن أزيد في موقفي هنا على هذا، إلاّ أنّ فقيدنا العزيز لو رأى من عالم الغيب حفلنا هذا لكان له في الجزائر رأي آخر، ولَعَلِم أنّ الأمّة الّتي صبغها الإسلام، وهو صبغة اللّه، وأنجبتها العرب وهي أمّة التّاريخ وأنبتتهما الجزائر، وهي العاتية على الرّومان والفاندال، لا تستطيع ولن تستطيع أن تمسخها الأيّام ونوائب الأيّام .. أيّها الإخوان: باسمي الضّئيل، وباسم الجزائر الكبير، وباسم جمعكم الكريم أرفع التّحيّات الزّكيّة للفقيدين الخالدين في مرقدهما، ولجميع العاملين لإحياء العربيّة وأدبها من بعدهما .. فليعش العرب، ولتعش العربيّة وليعش المحبّون لهما من النّاس أجمعين «(آثار الإمام "عبد الحميد بن باديس") ـ الجزء الثّالث.

مع العلم أن ل"أحمد شوقي" أشعارا بلغت الذروة في الفسق والفجور، كتلك التي تغنّى فيها بملكة مصر الفرعونية الكافرة "كليوباترا" ومن الأبيات الماجنة الواردة في هذه القصيدة قوله:

ليلُنا خمرٌ .... وأشواق تغني حولنا

كما أن له مسرحية شعرية حول قصة (قيس وليلى).

3/ لا ننسى أن نسجل بأنّ جمعية العلماء أصرّت على الاحتفال بذكرى وفاة "ابن باديس" رحمه اللّه حتّى فشت في الجزائر ظاهرة إحياء ذكرى وفاته باسم يوم العلم (في السّادس عشر من شهر أفريل)، وهذا دليل على أنّ هذه البدعة وجدت صداها في نفوس أصحابها من رجال جمعيّة العلماء، فكيف بالعوام الّذين يهوون كلّ ما هو بدعة وكلّ ما هو حفل واحتفال؟ ..

(عنوان1 وصف ابن باديس لأبي ذرّ رضيّ اللّه عنه بأنّه أوّل اشتراكي)

بعد أن ترجم ابن باديس لهذا الصحابي الجليل ترجمة وافية تعرض من خلالها إلى بعض جوانب حياته من بينها نظريته في المال، ومما قاله تحت عنوان: "النتيجة":» فأبو ذرّ بمذهبه هذا في المال كان شاذّا بين الصّحابة رضيّ اللّه عنهم مخالفا لإجماعهم، ولم يتعرّضوا له في نظره واجتهاده إلاّ عندما خشوا من بثّه الفتنة على النّاس، وقد كان أبو ذرّ بمذهبه الشّاذ هذا أوّل اشتراكي في المال من المسلمين في أوّل عصور الإسلام وإن لم يعمل بمذهبه في سائر عصوره .. «(آثار الإمام "عبد الحميد بن باديس"[3/ 39].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير