تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 – ذكر أن المفسرين اعتمدوا اعتمادًا واضحًا على هذه المرويات، سواءً أكانوا من المحررين فيه كالإمام الطبري وابن كثير، أم كانوا من نَقَلَةِ التفسير كعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. وهؤلاء قد أطبقوا على روايتها بلا نكير، مع علمهم التام بما فيها من الضعف. ولا يقال كما قد قال من قال: إن منهج الإمام الطبري في هذه الروايات الإسناد" إلخ.

وأقول: جملة مسلمة في صدرها، نعم خرجوا أو أوردوا تلك المرويات من قبيل ما سبق التمثيل به لا من قبيل روايات الكلبي التي ندر تخريجها أو عُدم في هذه الكتب، إنما هي الروايات التي تعود علل أسانيدها إلى الضعف من قبل الحفظ تارة كتفسير عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وعطيَّة العوفي، أو من جهة الإرسال كتفسير الضحاك وعلي بن أبي طلحة. أما القول: (مع علمهم التام بضعفها) ففي هذا نظر أن يطلق في حق جميعهم دون تنصيص أو وقوف بين على عباراتهم المفيدة للعلم، فيمكن تسليم أن يكون الشأن كذلك في ابن أبي حاتم مثلاً، لكنه لا يسلم في عبد بن حميد الذي عرف عنه الحفظ ولم يعرف بالاعتناء بتمييز النقلة.

كذلك العبارة الأخيرة التي حكاها الشيخ عن بعضهم في أن ابن جرير كان يسند، ومن أسند فقد أحالك. فهي صحيحة في شأن أسانيد ابن جرير، فإنه لا يخفى على ناظر في الكتاب معالج له أن ابن جرير لم يكن ينتهج نقد الأسانيد، إنما كان يذكر كل ما وقف عليه من مذاهب قيلت قبله في تفسير الآية أو النص، ويسندها إلى أصحابها، ثم ينقد الرأي لا ينقد السند، ويختار من بينها ما يرجحه بالنظر والاستدلال لنفسه، لأن العبرة عنده وعند غيره ممن يستعمل الآثار بالمعاني ودلالاتها، لذا فإنه يقبل المعنى الصحيح دون مراعاة النقل ولا من قاله ممن يجوز على قوله الخطأ والصواب؛ لذا فربما رجح الرأي المنقول بالإسناد الضعيف على الرأي المنقول بالإسنادِ الصحيح. والمقصود: أن الإسناد بالنسبة له كان غير معني أصلاً بالنظر والتحقيق. ولم يكن العلم بمنهج ابن جرير هذا محتاجاً إلى التنصيص عليه من قبله ليصح القول به؛ لوضوحه من كتابه.

3 – استدل الشيخ بما جاء عن بعض أئمة الحديث في التسهل في حكاية الضعيف، وهذا لست أطيل بالتعليق برأيي فيه، إذ يمكن أن يراجع في كتابي "تحرير علوم الحديث" (2/ 1108) وإنما أزيد هنا القول:

لا ينبغي أن ينازع الشيخ الطيار وفقه الله في أن التشديد في نقد أسانيد التفسير لا ينبغي أن يكون كما يطلب في نقد أسانيد الحلال والحرام، لكن ذلك مشروط باعتبار نسبة الضعف التي يلغي مثلها اعتبار روايات مثل مقاتل والكلبي في التفسير.

كما ينبغي أن يراعى أن التساهل في النقل والحكاية غير الاعتماد.

وما حكاه عن الإمام يحيى القطان صواب في النقل عن هؤلاء وحكاية كلامهم، وليس فيه الاعتماد عليهم، وهؤلاء الممثل بهم في كلام يحيى ترك هو نفسه الرواية عن جميعهم، وإنما يعني أن بعض الأئمة كتب عنهم، والكتابة في مجردها ليست اعتماداً، فهذا الثوري كتب عن محمد بن السائب الكلبي ومع ذلك كان يقول: "عجباً لمن يروي عن الكلبي قال ابن أبي حاتم: فذكرته لأبي وقلت: إن الثوري قد روى عنه، قال: "كلا لا يقصد الرواية عنه ويحكي حكاية تعجباً فيعلقه من حضره ويجعلونه رواية عنه".

وأقول أيضاً: في عبارة يحيى القطان "هؤلاء لا يحمد حديثهم ويكتب التفسير عنهم" ما يدل على أن الذي يكتب إنما هو كلاهم هم في التفسير، لا ما يحدثون به عن غيرهم. وهذا لا إشكال فيه، فقد يكون فيه من البيان للقرآن من قبل المعتني به ما يزيل اللبس عنه، كما تعتمد مفردات اللغويين في بيان معانيه.

وليس من هذا سبب نزول، ولا قول لا يجري في مثله الاجتهاد، ولا رأي أفاد حكماً أو اعتقاداً، ولا رأي يحكى على خلاف الثابت، فهذا كله مقدوح فيه من جهة القدح في ناقله أو حاكيه، والمنقول منه بابه باب الحديث الذي يجانب فيه النقل عن هذا الصنف، وإن ذكر وجب ذكره مع البيان.

4 – ذكر الشيخ تفريق نقاد الحديث في شأن عدد من النقلة بين نقلهم للحديث واعتنائهم بعلم سواه، فيوثَّق أحدهم في فنه ويكون مجروحاً في الحديث مثلاً، وذكر أمثلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير