تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جاريا على ذلك النّهج الّذي نهجه "محمّد عبده" في تفسير القرآن، كما جاء شارحًا لآرائه وحكمته وفلسفته في الدّين والأخلاق والاجتماع .. ثمّ جاء أخونا وصديقنا الأستاذ الشّيخ "عبد الحميد بن باديس"، قائد تلك النّهضة في الجزائر، بتفسيره لكلام اللّه على تلك الطّريقة وهو ممّن لا يقصر على من ذكرناهم في استكمال وسائلها، من ملكة بيانية راسخة، وسعة اطلاع على السّنة وتفقّه فيها، وغوص على أسرارها، وإحاطة وباع مديد في علم الاجتماع البشري وعوارضه وإلمام بمنتجات العقول ومستحدثات الاختراع ومستجدّات العمران يمدّ ذلك كلّه قوّة خطابية قليلة النّظير وقلم كاتب لا تفل له شباة «(مجالس التّذكير من كلام الحكيم الخبير)، [ص 10 و11].

*وقال "الإبراهيمي" في موضع آخر ما يلي:» أتمّ اللّه نعمته على القطر الجزائري بختم الأستاذ "عبد الحميد بن باديس" لتفسير الكتاب الكريم درسا على الطّريقة السّلفية .. وكان إكماله إيّاه على هذه الطّريقة في خمس وعشرين سنة متواليات مفخرة مدّخرة لهذا القطر وبشرى عامّة لدعاة الإصلاح الدّيني في العالم الإسلامي كلّه، تمسح عن نفوسهم الأسى والحزن لما عاق إمام المصلحين "محمّد عبده" عن إتمامه درسا «(مجالس التّذكير من كلام الحكيم الخبير)، [ص 15].

* وهذا الشّيخ "محمّد العيد آل خليفة" الّذي يعتبر الشّاعر الأوّل لجمعيّة العلماء المسلمين يمدح "ابن باديس" في قصيدة له، ويصفه بأنّه امتداد "لجمال الدّين الأفغاني" و"لمحمّد عبده" .. فيقول في هذه القصيدة الّتي ألقاها بمناسبة الاحتفال بختم دروس تفسير القرآن الكريم في مدينة قسنطينة ما يلي:

بمثلك تعتزّ البلاد وتفخر vv وتُزهر بالعلم المنير وتزخر

طبعت على العلم النّفوس نواشئا vv بمخبر صدق لا يدانيه مخبر

نهجتَ لها في العلم "نهج بلاغة" vv ونهج مفاداة كأنّك "حيدر"

حَبتْكَ عمالاتُ الجزائر حُرمة vv مشرّفة عظمى بها أنت أجدر

ففي كلّ وفدٍ راشد لك دعوة vv وفي كلّ حفل حاشد لك منبر

يراعُك في التّحرير أمضى من الظّبي vv وأقصى من الأحكام أيّان يُشهرُ

ودرسُك في التّفسير أشهر من الجنى vv وأبهى من الرّوض النّضير وأبهرُ

ختمتَ كتاب اللّه ختمةَ دارس vv بصير له حلّ العويص ميسّرُ

فَكَمُ لك في القرآن فهمُُ موفّق vv وكم لك في القرآن قول محرّرُ

قبستَ من القرآن مشعل حكمة vv ينار به السّر اللّطيف ويبصرُ

وبيّنتَ بالقرآن فضل حضارة vv أقرّ لها كسرى وأذعن قيصر

حكيتَ "جمال الدّين" في نظراته vv كأنّ "جمال الدّين" فيك مصوّر

وأشبهتَ في فقه الشّريعة "عبده" vv فهل كُنْتَه أم "عبده" فيك يُنْشَرُ

أعدْ يا "ابن باديس" الحديث وأَبْدِهِ vv بأنعمك اللآتي بها أنتَ تُؤثَرُ

فهذه القصيدة دليل واضح على أنّ رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائرييّن متأثّرون بمدرسة "محمّد عبده" وشيخه "جمال الدّين الأفغاني" تأثّرا بالغا، ومن كان يعلن الولاء "لمحمّد عبده" وينتهج منهجه فقد برئت منه السّلفية الحقيقيّة، لأنّ الرّجل كان شيخ المدرسة العقلانيّة في هذا الزّمان، ومدرسته كانت سببا في انحراف متخرّجي "الأزهر" عن الخطّ السّلفي فهو في عقيدته أشعريّ معتزلي مقدّسُُ للعقل، وهو في منهجه الّذي يسمّيه البعض بالمنهج التّربوي الإصلاحي متأثّر بكلّ نظرية غربيّة لأنّه أُشْرِب في قلبه حبّ الحضارة الغربيّة بكلّ ما فيها من كُفر وفجور وانحلال وفسق وبعد عن الدّين، وهو من الّذين جنحوا إلى التّأويل الفاسد المنحرف في تفسيره للقرآن الكريم، وهو من النّوع المكذّب بكلّ عقيدة غيبيّة وردت عن طريق حديث الآحاد، وهو في منهجه السّياسي وطنيّ صرف يرفع مصلحة "مصر" فوق الاعتبار الدّيني، وشطحاته وانحرافاته جديرة بأن تجمع في كتب ومجلّدات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير