وإذا كانت التجزئة بالحروف محدثة من عهد الحجاج بالعراق، فمعلوم أن الصحابة قبل ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده كان لهم تحزيب آخر؛ فإنهم كانوا يقدرون تارة بالآيات فيقولون: خمسون آية، ستون آية، وتارة بالسور، لكن تسبيعه بالآيات (يعني تقسيم القرآن إلى سبعة أقسام بالآيات) لم يروه أحد، ولا ذكره أحد، فتعين التحزيب بالسور " انتهى.
وقال ابن تيمية رحمه الله أيضاً - كما في "مجموع الفتاوى" (13/ 410 - 416):
" وهذا الذي كان عليه الصحابة هو الأحسن؛ لوجوه:
أحدها: أن هذه التحزيبات المحدثة تتضمن دائمًا الوقوف على بعض الكلام المتصل بما بعده، حتى يتضمن الوقف على المعطوف دون المعطوف عليه، فيحصل القارئ في اليوم الثاني مبتدئًا بمعطوف، كقوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النساء/24، وقوله: (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) الأحزاب/31، وأمثال ذلك.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت عادته الغالبة وعادة أصحابه أن يقرأ في الصلاة بسورة كـ " ق " ونحوها، وأما القراءة بأواخر السور وأوساطها، فلم يكن غالبًا عليهم؛ ولهذا يتورع في كراهة ذلك، وفيه النزاع المشهور في مذهب أحمد وغيره، ومن أعدل الأقوال قول من قال: يكره اعتياد ذلك دون فعله أحيانًا؛ لئلا يخرج عما مضت به السنة، وعادة السلف من الصحابة والتابعين.
وإذا كان كذلك فمعلوم أن هذا التحزيب والتجزئة فيه مخالفة السنة أعظم مما في قراءة آخر السورة ووسطها في الصلاة.
وبكل حال فلا ريب أن التجزئة والتحزيب الموافق لما كان هو الغالب على تلاوتهم أحسن.
والمقصود أن التحزيب بالسورة التامة أولى من التحزيب بالتجزئة.
الثالث: أن التجزئة المحدثة لا سبيل فيها إلى التسوية بين حروف الأجزاء؛ وذلك لأن الحروف في النطق تخالف الحروف في الخط في الزيادة والنقصان، يزيد كل منهما على الآخر من وجه دون وجه، وتختلف الحروف من وجه.
وإذا كان تحزيبه بالحروف إنما هو تقريب لا تحديد، كان ذلك من جنس تجزئته بالسور هو أيضًا تقريب؛ فإن بعض الأسباع قد يكون أكثر من بعض في الحروف، وفي ذلك من المصلحة العظيمة بقراءة الكلام المتصل بعضه ببعض، والافتتاح بما فتح اللّه به السورة، والاختتام بما ختم به، وتكميل المقصود من كل سورة ما ليس في ذلك التحزيب " انتهى باختصار.
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
هل يجوز تحزيب القرآن - يعني عند تلاوته -؛ لما في ذلك من تغيير لأقواله تعالى، ومنه الزيادة والنقصان، وهذا ما شهدناه في بعض مناطق المغرب العربي، هل يجوز ذلك؟
فأجابوا:
"لا نعلم شيئا يدل على التحزيب المثبت على هوامش المصاحف التي بيد الناس اليوم، والوارد عن الصحابة رضي الله عنهم في ذلك ما رواه أوس بن حذيفة قال: (سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يحزبون القرآن؟ فقالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلات عشرة، وحزب المفصل وحده) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (4/ 30).
والحاصل أن تحزيب المصاحف المثبت اليوم يعتمد عدد الأحرف، وهو خلاف التحزيب الأفضل الذي سلكه الصحابة رضوان الله عليهم تبعا للسور، والأمر في هذا سهل.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/ar/ref/109885
ـ[براءة]ــــــــ[25 - 02 - 10, 08:47 م]ـ
رقم الفتوى: 177
عنوان الفتوى: تقسيم القرآن إلى أجزاء وأحزاب
تاريخ الفتوى: 16 صفر 1420/ 01 - 06 - 1999
السؤال
الرجاء التكرم بالإفادة عن كيفية تحزيب القرأن الكريم أي تقسيمه الى ثلاثين جزءا وكل جزء تم تقسيمه الى حزبين وكل حزب تم تقسيمه الى أربعة أرباع. واريد ان اعرف فى اى عام هجري تم هذا التقسيم؟ وعلى اى أساس تم التقسيم؟ هل على اساس عدد الحروف او عدد الآيات ام ماذا؟ ومن الذى قام بعمل هذا التقسيم مع تحديد الاسم. ولكم جزيل الشكر. على صالح
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: المشهور عن الصحابة رضي الله عنهم في تحزيبهم للقرآن، أنهم كانوا يحزبونه بالسور لا بالآيات ولا بالحروف، فكانوا يجعلونه سبعة أحزاب، ويختم أحدهم القرآن ـ غالبا ـ في سبع ليال. وأما التحزيب المذكور في سؤال السائل فالمعروف أنه بدأ في العراق زمن الحجاج بن يوسف وهو الذي أمر به، وانتشر ذلك في الآفاق الإسلامية. وهذا التحزيب روعي فيه عدد الأحرف. والله أعلم.
http://www.islamweb.net/VER2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=177&Option=FatwaId
ـ[براءة]ــــــــ[25 - 02 - 10, 08:48 م]ـ
وهنا كتاب تاريخ المصحف الشريف لعبد للقاضي، قد يفيدك
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=1175483&postcount=3
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[26 - 02 - 10, 01:46 ص]ـ
وهنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=153614) موضوع ذو صلة.
¥