دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ? [الأنعام: 145] ?وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ? [النحل: 113 ـ 115].
وتتأكد هذه المعجزة إذ علمنا أن الخنزير هو الحيوان الوحيد في القرآن الكريم الذي ذُكر تحريمه صراحة، ونزداد إيمانا وتصديقا عندما نعلم أن العرب في جاهليتهم كانوا لا يأكلون الخنزير، وحتى اليهود كانوا لا يأكلونه، مما يؤكد أن القرآن ?تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ? [الحاقة: 43]، وجاء ليكون رسالةً للبشرية قاطبة، لا للعرب الذين بعث فيهم الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو لليهود الذين خالطهم في المدينة. وإن كان الإسلام عالج القضية من جذورها فحرم بيع الخنزير فضلا عن أكله، فعن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح، وهو بمكة: ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير، والأصنام)) فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: ((لا، هو حرام)).
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ((قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه)). [رواه البخاري] إلا أن الآداب الإسلامية والوصايا النبوية الشريفة تقدم حلول جذرية، ووقاية فعالة من الأوبئة والأمراض بصفة عامة، وفيما يلي بعض هذه الآداب التي تعتبر وقاية فعالة من وباء أنفلونزا الخنازير على وجه الخصوص، وتعد إعجاز نبوي سبق توصيات وإرشادات المنظمة العالمية للصحة:
1. النظافة عامة: لقوله تعالى: ?إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ? [البقرة: 222] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس)) [رواه مسلم].
2. النظافة الشخصية: وعن عبد الله بن عمر عن النبي قال: ((الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، الاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب)) [رواه البخاري]
3. المبالغة في الاستنشاق: عن لقيط بن صبرة قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء؟ فقال: ((أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما)) [صححه الألباني في صحيح النسائي]
4. عدم التنفس في الإناء أو النفخ في الطعام: عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان لا ينفخ في طعام ولا شراب ولا يتنفس في الإناء)) وعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم ((إذا شرب أحدكم فلا يتنفس فى الإناء، و إذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه، ولا يتمسح بيمينه)) [صححه الألباني في صحيح الجامع]
5. تغطية الفم والأنف عند العطاس: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ (كان إذا عطس، غطى وجهه بيده، أو بثوبه، وغض بها صوته)) [رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح] 6. عدم البصق والتنخم في حضور الآخرين: عن سعد بن أبي وقاص أن النبي قال: ((من تنخم في المسجد فليغيب نخامته أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه)) [رواه ابن حجر العسقلاني في فتح الباري]
7. الحجر الطبي: عن سعد بن أبي وقاص: أنه سأل أسامة بن زيد: ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون؟ فقال أسامة: ((الطاعون رجس، أرسل على طائفة من بني إسرائيل، أو: على من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه)). [رواه البخاري].
8. عدم الهلع والفزع عند وقوع المصائب: عن عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فأخبرني أنه: ((عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابرا محتسبا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان مثل أجر شهيد)) [رواه البخاري].