تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تفصيل هكذا العبد اهتدى بالآيات البينات من يريد و أراد أن يعبد الله و شاء أن يستقيم و في الكيف و الكم عبد بما يشاء الله و لم يكيِّف عبادةً بنفسه هذا ما عنى الله عز وجل بقوله {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} فقوله عز وجل (و ما تشاؤُون إلا أن يشاء الله) ليس نفي للإرادة و الإشاءة و الفعل للعبد، وإنما نفي للكيف و الكم ونحن نعبد الله بما يشاء هو كيف و كماً لماذا؟ لان الله عز وجل كما قال في كتابه العزيز {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (المدثر 56) نضرب مثالاً والأمثلة تضرب ولا تقاس على فعل الله، عندما تأتي بعامل لبناء بيتك السؤال هل العامل يقوم ببناء البيت بمشيئته هو كيفاً و كماً أم بمشيئتك أنت صاحب البيت و لله المثل الأعلى، و إذا كانت العبادة مطلب من الله كما قال عز وجل {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الداريات 56) وتعود إليه التقوى و المغفرة كما قال عز وجل {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} (الحج 37) فهل نعبده بما يشاء هو سبحانه الذي لهو الدين و يناله التقوى منا أم بما نشاء نحن؟ وهو الذي يقول لنا يوم الجزاء عز وجل {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} وقوله عز وجل {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} مرتبطة مع قوله عز وجل {لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} و تفسر بها ومن هنا يطلق على كل محدثة في العبادة بدعة وقوله عز وجل {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً .. وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً .. يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} (الإنسان: 29. 30. 31) و قوله يدخل من يشاء في رحمته (من يشاء) الضمير عائد على العبد وليس على الله وصدق الله العظيم إذْ يقول {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} (سبأ: 50) وهذا وعدُ الله من قبل منذ أمر أبانا آدم و أُمّنا حواء بأن يهبطا من الجنة قال عز وجل {قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: 38) والخطاب موجه إلى جميع أبناء آدم ونحن متبعون في حال تطبيقنا لشرع الله وليس مبتدعين وكل من كان هذا منهجهم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقال عز وجل {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (الأنعام 48).

وقول رسول الله صلي الله عليه وسلم (ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن) هذا في الإيجاد المشيئة الكونية يريد أراد و شاء الإيجاد بكيف وكم و في تطبيق الفعل أوجد كيف ما يشاء ومن هذه المشيئة وجودنا على هذه الكيفية مخيرين {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} أي انّ الله يريد خلق عباد يعبدونه، عندما أراد إيجاد العباد، في الكيف شاء أن نكون مخيرين، من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، و في تطبيق الفعل خلقنا كيف يشاء كمّاً و كيفاً بما يتناسب مع السبب كوننا مخيرين منحنا العقل القدرة الاستطاعة و غيره، و هذا ما عنى بقوله عز وجل (وقل الحق من ربكم).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير