تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَعلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (إبراهيم: 11) وخاطب الرسول صلي الله عليه وسلم في آية ثانية فقال عز وجل {وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى} (الضحى: 7) ومن المعلوم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يعبد صنماً وهو معصوم قبل الرسالة وبعد الرسالة وتعني كلمة (ضال) أنه لا يعرف كيف يعبد الله عز وجل وكل من يبحث عن السبيل فهوَ ضال السبيل إلى أن يجده ويهتدي به وكل من كان على السبيل وتركه فهوَ ضل سواء السبيل {وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} (البقرة: 108).

والله تعالى جعل الهدى و أمرنا بإتباعه و نهانا عن إتباع السبل {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام: 153) {اِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} (الإنسان: 3) وقال تعالى {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} وعندما آمنا بالبينات زادنا هدى بالمبينات كما قال عز وجل {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} (محمد: 17) ففعل الكافر والمؤمن يشتركان في وقوعه بإذن الله أذِنَ الله لهما، وهما مخيران بين طريق الحق و الباطل، وعمل المؤمن بإرادته و مشيئته مما يشاء الله له بالآيات المبينات، وعمل الكافر بإرادته و مشيئته مما يشاء هو بنفسه، ونجد من الآيات التي تدل على فعل من أفعال الكفر يشير إليه الله عز وجل بالإذن و ليس بمشيئته مثل قوله عز وجل {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ} (البقرة: 102) و ليس هناك آية في كتاب الله تدل على فعل من أفعال المعصية أو الكفر بما يشاء الله بل هناك ما يدل على أن الكافر يعمل حسب مشيئته مثلاً ... في قول الله عز وجل {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (فصلت: 40) وقوله عز وجل {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (الزمر: 15)

وكثير ما يحتج بهذه الآية على الهداية و الضلال بأنه من الله وهي قوله عز وجل {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} (الأنعام 125) هنا ذكر الهداية و الإضلال من منطلق المشيئة في الأفعال هداية الإعانة، و الهداية و الضلال من منطلق السبب بقوله عز وجل (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ وَمَن يُرِدْ أَنيُضِلَّهُ) والإسلام انقياد للأفعال، والإيمان تصديق بالقلب من الأسباب، أي هناك صنفان من العباد الصنف الأول أمن بكتاب الله وثقل عليه التنفيذ هذا الذي قال عنه يشرح صدره للإسلام، ويكفي هذا الدليل على الصنف الأول {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} (التوبة: 38) وفي مقدمة الآية أثبت لهم الإيمان بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وأنكر عليهم التثاقل في الأفعال (مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ)، والدليل الثاني على الهداية في الفعل عندما غير الله تعالى القبلة ذكر حال المؤمنين وكيف حدث لهم تردد وأن الله هداهم إلى إتباع الرسول صلي الله عليه وسلم هداية إعانة بشرح الصدر كي لا يضيع أيمانهم فقال عز وجل {إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير