والنور لغة القلوب و الافئدة , والكتاب لغة العقول على حدة ,قال لى و لك من لا اله الا هو:"ومنهم من يستمع اليك وجعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه" , وقال من لمجده الائه شاهدة ومن بعظمته فى مجده تعالى:"وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القران جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا " وقال فأعطيناه قلبا ابيا فاسمع يا مفتون:"انا انزلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون " وقد استعنا عليكم به وبحكمه مستمسكون ,:" لقد انزلنا اليكم كتابا فيه ذكركم افلا تعقلون " , وللحكيم الترمذى - رحمه الله- فى هذا الباب بحث غزير ,وهو على من سهل الله عليه يسير.
والكل كلام المولى الجبار ,فيه منتهى العلوم و الاخبار ,فهوموطن الحكم ومنبع الاسرار ,والذى لا يمل من سماعه الاخيار ,ولا ينقطع عنه ذووا البصائر و الابصار ,اصحاب الهمم العوالى و الانوار , حجة المولى على الكذبة و الكفار ,وغبرة القترة على وجوه الفجار ,سيف الله القاطع البتار ,على المعاندين والسفلة الاشرار ,قال من جعل عذابهم فى يوم شره مستطيرا:"فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا ".
وهو ابريز الذهب ,الجد ليس فيه لعب ,ما طفقت الجن بعد سماعه الا ان قالوا عنه العجب ,كلام ربنا القديم ,والصراط المستقيم ,امان من الله ,حجة من الله ,نور من الله ,مأدبة من الله ,حتى يأتى امر الله.
روى البيهقى وغيره باسناد حسن ,عن ابن مسعود – رضى الله عنه –, ان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:" ان هذا القران مأدبة الله ,فتعلموا من مأدبته ما استطعتم ,ان هذا القران هو حبل الله والنور المبين والشفاء النافع ,عصمة من تمسك به ,ونجاة من تبعه ,لا يعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعتب ولا تنقضى عجائبه, ولا يخلق من كثرة الرد فاتلوه ,فان الله عز وجل يأجركم عن تلاوته بكل حرف عشر حسنات ,اما انى لا اقول (الم) حرف ,ولكن الف و لام و ميم ثلاثون حسنة ". و روى الدارامى فى سننه باسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود –رضى الله عنه – قال: "ان هذا القران مأدبة الله ,فخذوا منه ما استطعتم , فانى لا اعلم شىء اصفر من خير ,من بيت ليس فيه من كتاب الله شىء ,وان القلب الذى ليس فيه من كتاب الله شىء خرب كخراب البيت الذى لا ساكن له ".
واعلم يا اخى وفقنى الله واياك ,وهدانا من جعل للشمس والقمر افلاك ,ان الاصل فى القران التيسير ,وان كلام الله ليس على الافهام بالعسير , وقد قال العليم الخبير من لا يشرك فى حكمه احدا,:" فانما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين و تنذر به قوما لدا " , وقال جل من قال ,ولا يرجى من غيره الؤال:"فانما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون. فارتقب انهم مرتقبون " ,وقال من علا عن من سواه ,و هو الذى فى السماء اله وفى الارض اله:"ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر ".
وان كلام ربنا ليس فيه باطن و ظاهر ,وقد قال من للذنب غافر ,وهو جاعل لكل امة اجلا:"الحمد لله الذى انزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا " وقال من دمعت لذكره العيون:" قرانا عربيا غير ذى عوج لعلهم يتقون " ,فالقران كله ظاهر ,وما فيه شيئ من الخواطر ,وقد قال الاله القاهر, لمن به يؤمنون:"وما تنزلت به الشياطين. وما ينبغى لهم وما يستطيعون ",وما بطن من تأويله عنا ,انما هو لنقص فى افهامنا ,وخفائه عن عقولنا ,او لتأخير فى تأويله وان كان مسطورا ,لقول من خلق فى جنته حورا:"وكان امر الله قدرا مقدورا " ,وقد قال من ليس دونه اله:"و ما يعلم تأويله الا الله " , ونقرأ فى القران حين ترتيله:"فهل ينظرون الا تأويله يوم يأتى تأويله ".
و القران كلام الله المنزل على خاتم النبيين, محمد الذى قال له رب العالمين:"نزل به الروح الامين.على قلبك لتكون من المنذرين " , وقال:"قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى و بشرى للمؤمنين ".,ولغة القلب ليست بحروف و لا اصوات ,وهذا كلام ليس من قول الشبهات ,وما نزل على القلب هو محكم الكتاب ,تبصرة وذكرى لأولى الالباب , قال ربنا الغفور:"فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور " ,و قد قال خالق الاسباب ومالك يوم الحساب:"افمن يعلم انما انزل اليك من ربك الحق كمن هو اعمى انما يتذكر اولوا الالباب " ,وقد قال من بمعصيته الفقر ومن ينال رحمته كل سعيد:" والذين لا
¥