[السبيل إلى حفظ القرآن الكريم وضبطه (طريقة عملية مجربة)]
ـ[أبو صالح المظهري]ــــــــ[15 - 04 - 10, 03:40 م]ـ
الحمد لله الذي جعل القرآن هدىً للمتقين، ونوراً للسالكين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ الذي وصف بالخيرية معلم القرآن ومتعلمه، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فإن العناية بكتاب الله تعالى تعلمًا وتعليمًا وفهمًا ومدارسةً أجلّ المطالب وأعلاها، وأنبل الغايات وأولاها، كيف لا؟ وهو كلام رب العالمين الذي أنزله على خاتم المرسلين، إنه "أشرف ما صرفت إليه الهمم، وأعظم ما جال فيه فكرٌ ومدّ به قلمٌ؛ لأنه منبع كل علمٍ وحكمةٍ، ومربع كل هدىً ورحمةً، وهو أجلّ ما تنسّك به المتنسّكون، وأقوى ما تمسّك به المتمسكون، من استمسك به فقد علقت يده بحبلٍ متينٍ، ومن سلك سبيله فقد سار على طريقٍ قويمٍ، وهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ".
هذا وإن من العناية بالقرآن الكريم العناية بحفظه وضبطه، ومداومة استذكاره. وقد أحببت أن أساهم في خدمة حَفظة هذا القرآن العظيم، بطرح طريقةٍ عمليةٍ مجربةٍ، لحفظ كتاب الله تعالى وضبطه، استقيتها من تجربتي الشخصية وخبرتي المتواضعة في تعليم القرآن الكريم، سائلاً المولى عز وجل أن ينفع بها.
تمهيد:
لقد وصف الله القرآن العظيم بقوله: چ گ گ گ ? ? ? ? ? ? چ فأهل العلم هم الذين يحملون هذا الكتاب العظيم في صدورهم، ويتعاهدونه؛ عملاً بوصيّة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (تعاهدوا هذا القرآن فو الذي نفس محمدٍ بيده لهو أشد تفلتًا من الإبل في عقلها) متفق عليه.
ولا شك أن من أهم أهداف المسلم في هذه الحياة أن يكون حافظاً لكتاب الله تعالى، حفظًا متقنًا. وكل أحدٍ يبذل في تحقيق هذا الهدف وسعه، فمن مستقلٍ ومستكثرٍ؛ لكن من الملفت للأنظار أن كثيرًا ممن يسلك طريق الحفظ لا يحسن استخدام الطريقة المناسبة، والمنهج الواضح؛ لذلك تجد أحدهم يتنقل بين طرق ووسائل يقترحها لنفسه، ولكن بدون جدوى، وآخر يملّ من كثرة الأساليب التي استخدمها ولم ينتفع بها، وثالث يتنقل بين المشايخ لعله يجد طريقةً تناسبه، ورابع يبدأ حفظه للقرآن بدون منهجيةٍ واضحةٍ، وخامس، وسادس، وسابع ... لذا كان لزامًا على المدرسين وأهل الخبرة والمتخصصين أن لا يدعوا الوقت يضيع سدًى على هؤلاء، بل يبذلوا لهم المشورة والتجربة والنصيحة.
وأثناء ممارستي لتدريس كتاب الله تعالى كنت أبحث عن طريقةٍ متقنةٍ لحفظ القرآن الكريم لغير الحافظ، وطريقةٍ أخرى لضبط حفظ القرآن الكريم للحفّاظ. فتوصّلت إلى طريقةٍ أحسبها أفضل ما وقفت عليه، وهي طريقةٌ عمليةٌ متقنةٌ، تناسب الجميع بإذن الله. وهاك عرضها.
أولاً: السبيل إلى حفظ القرآن الكريم:
مقدمات:
أولاً: اعلم أن القرآن يسيرٌ، يقول الله تعالى: چں ں ? ? ? ? ? چ فإذا كان الله قد يسّره فحريٌ بالمسلم أن يحرص على اغتنام ذلك بشيءٍ من الاجتهاد والصبر والمثابرة.
ثانياً: الدعاء سلاح المؤمن، فاجعل من دعائك دائمًا: اللهم يسّر لي حفظ كتابك، وأعنّي عليه. واحرص على أوقات الاستجابة، خصوصًا في السجود، ووقت السحر.
ثالثاً: عليك بالمواظبة، وإياك والانقطاع والغياب، فلقد رأينا من يواظب على حفظ نصف وجه يومياً، ينجز أكثر ممن يحفظ وجهين يومياً لكن بانقطاع.
رابعاً: لا بد من حفظ القرآن على شيخٍ متقنٍ؛ لأن القرآن إنما يؤخذ بالتلقي، وأضرار الحفظ الانفرادي، أو على شيخٍ غير متقنٍ كثيرةٌ لا تحصر، من أعظمها حفظ بعض الكلمات باللحن في نطقها، وهذا يصعب تعديله إلى الصواب جدًا، لأن الذاكرة تتلقى أول حفظ أودعته، خصوصًا عند الأطفال، ويعلم الله كم يعاني مدرّسو الحلقات القرآنية ممن يأتيهم وقد حفظ بهذه الطريقة السقيمة، بل بعضهم يحفظ القرآن كاملاً، ولا يستطيع أن يقرأ صفحةً سليمةً من الخطأ الجلي الواضح، بل ومن الأخطاء التي تغيّر المعنى. وتعليم مثل هذا أصعب بكثير من تعليم من لم يحفظ شيئًا سابقًا. فتنبّه!
الخطوات العملية:
1 - اقرأ الدرس اليوميّ على الشيخ قبل الحفظ، واحرص على ضبط الكلمات التي في نطقها خطأ، وكررها بعد تعديلها عشرات المرات حتى تثبت في الذهن. ومن أنجع الطرق في ذلك: كثرة سماع الأشرطة للقراء المشهورين، المشهود لهم بالإتقان.
¥