[روئة في اية]
ـ[خالد مبارك عريج]ــــــــ[27 - 04 - 10, 12:02 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين و بعد:
فهذه محاولة لفهم هذه الاية من وجه مختلف نوعا ما , و هي قوله تعالى:
ليس على الأعمى حرج و لا على الأعرج حرج و لا على المريض حرج و لا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون)
س: لماذا ذكر الله عز و جل حل الأكل من بيوت الآباء و الأمهات .. إلى آخره بنص (بيوت) فلما أتى لجملة (أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم) لم يذكر البيوت و إنما عطف مباشرة دون ذكر البيوت)؟؟؟
ج/ الجواب لعله فيما يلي:
· اختلف العلماء في معنى قوله تعالى (أو ما ملكتم مفاتحه): فقيل ان المعنى أن النواطير و حراس المزارع لهم أن يأكلوا من بيوت و مزارع ما ملكوا مفاتحه بشرط ألا يكون له أجرة _هكذا اشترط الفقهاء_ كما ذكره ابن عاشور في التحرير., و قيل أن المعنى: أو ما ملكتم مفاتحه أي بيوت المماليك ..
· و يظهر الفرق بين القولين بالنظر إلى الضمير المنفصل (ما) , و هو لغير العاقل كما هو معروف في قواعد اللغة , فيصير القول الأول بأن المعنى النواطير أقوى لأن الضمير المنفصل يعود للمزرعة أو البيت و هما غير عاقلين , و أما توجيه القول بأنه بيوت المماليك فإن الظاهر _ و الله أعلم_ أنه لما ألحق جماهير العلماء العبد حكميا مرة بالبهيمة و مرة بالحر فإن توجيه الضمير هنا عند القائلين بالقول الثاني أنهم ألحقوا العبد بالبهيمة فحينئذ يصح قولهم.
نعود لصلب المسألة و هو عدم ذكر لفظ البيوت هنا للعبد المملوك و الصديق , فالذي يظهر و العلم عند الله أنه لما قال في أول الاية (أن تأكلوا من بيوتكم) و قد قال القرطبي: قال الترمذي الحكيم: و وجه قوله تعالى: أن تأكلوا من بيوتكم: كأنه يقول: مساكنكم التي فيها أهاليكم و أولادكم فيكون للأهل و الولد هناك شئ قد أفادهم هذا الرجل الذي له المسكن فليس عليه حرج أن يأكل معهم هذا القوت) فإنه لما ذكر ذلك اكتفى بالبيوت ها هنا لأن العبد ملك الإنسان فلا يختص ملك بيته بل هو كله مملوك لسيده و هذا لعله وجه عدم ذكر البيوت عند ذكر المماليك , و أما الصديق فإنه قرن بالمملوك هنا لأن كل صديق مملوك لصديقه الآخر معنويا, فكأنه من شدة علاقة الصداقة و الحب أصبح كل منهما مملوكا للآخر.
و أما على القول بأن المعنى النواطير و حراس المزارع و البيوت فيكون وجه عدم ذكر البيوت أنه يشمل ما لو حرس هذا الحارس المزرعة أو البيت أو غيرها من أملاك المالك , فلم يخصص بالبيت , و أما الصديق فلشدة العلاقة بين الصديق و الصديق فإنه لم يكتفى بالبيت بل تعداه إلى كل ما يتعلق بالصديق ..
و الله أعلم
12/ 5/1431ـ