قال البغوي: قوله: ? أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ?، هذه أسماء أصنام اتخذوها آلهة يعبدونها، اشتقوا لها أسماء من أسماء الله تعالى فقالوا: من الله اللات، ومن العزيز: العزى. وقال ابن عباس: كان اللات رجلاً يلت السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره. قال ابن إسحاق: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب، وتهدي لها كما تهدي للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها، فكانت لقريش ولبني كنانة العزى بنخلة، وكان سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم حلفاء بني هاشم؛ وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكان سدنتها وحجابها بني معتب، وكانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب، على ساحل البحر من ناحية المشلّل بقديد؛ وكانت ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة؛ وكانت قلس لطيء ومن يليها بجبل طيء بين سلمى وأجأ؛ وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له: ريام؛ وكانت رضاء بيتًا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم؛ وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد.
وقال البغوي: ومعنى الآية: أفرأيتم أخبرونا أيها الزاعمون أن اللات والعزى ومناة بنات الله تعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا. وقال الكلبي: كان المشركون بمكة يقولون: الأصنام والملائكة بنات الله، وكان الرجل منهم إذا بشر بالأنثى كره ذلك. فقال الله تعالى منكرًا عليهم، ? أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ?، قال ابن عباس: جائرة.
? إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ?، قال ابن كثير: أي: ليس لهم مستند إلا حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم، وإلا حظ نفوسهم في رياستهم وتعظيم آبائهم الأقدمين، ? وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ?، أي: البيان بالكتاب والرسول أنها ليست بآلهة وأن العبادة لا تصلح إلا لله الواحد القهار.? أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ? أيظن الكافر أن له ما يتمنى ويشتهي من شفاعة الأصنام؟ ? فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى * وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ ?، ممن يعبدهم هؤلاء الكفار ويرجون شفاعهم عند الله، ? لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ ?، في الشفاعة ? لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى ?، أي: من أهل التوحيد.]
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[25 - 05 - 10, 01:09 م]ـ
القسم الثالث والرابع
وقال ابن كثير: ? أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ?، أي: ليس كل من تمنى خيرًا حصل له، ? لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ?.
عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي ?: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه». وعن قتادة: قوله: ? الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ?، ما كان بين الحدّين لم يبلغ حدّ الدنيا ولا حدّ الآخرة موجبة، قد أوجب الله لأهلها النار، أو فاحشة يقام عليه الحدّ في الدنيا. وقال ابن زيد في قوله: ? إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ?، قد غفرت ذلك لهم إذ ? هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ?، قال مجاهد: كنحو قوله: ? وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ?. ? وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ?، أي: ترك المعاصي وفعل الطاعات. قال البغوي: ? فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ?، لا تبرئوها عن الآثام ولا تمدحوها بحسن أعمالها ? هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ?.
للاستماع527 A.mp3 (http://www.4shared.com/audio/xRVwJrPu/527A.html)
http://dc231.4shared.com/img/298230535/815763a6/527a.png (http://www.4shared.com/photo/TAaB0z6y/527a.html)
http://dc242.4shared.com/img/298230688/1e547889/527b.png (http://www.4shared.com/photo/PSXtjMiE/527b.html)
[COLOR="#ff0000"] للاستماع527 B.mp3 (http://www.4shared.com/audio/IXPE-tB7/527B.html)[/COLOR
قال البغوي: قوله عز وجل: ? أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ?، نزلت في الوليد بن المغيرة، كان قد اتبع النبي ? على دينه، فعيره بعض المشركين وقال له: أتركت دين الأشياخ وضللتهم؟ قال: إني خشيت عذاب الله؛ فضمن الذي عاتبه إن هو أعطى كذا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله، فرجع الوليد إلى الشرك وأعطى الذي عيره بعض ذلك المال الذي ضمن ومنعه تمامه، فأنزل الله عز وجل: ? أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ? أدبر عن الإيمان ? وَأَعْطَى ? صاحبه ? قَلِيلاً وَأَكْدَى ? بخل بالباقي؛ وأصله من الكدية، وهي حجر يظهر في البئر يمنع من الحفر ? أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ?، ما غاب عنه، ويعلم أن صاحبه يتحمل عنه عذابه؟ ? أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ ? يخبر، ? بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ?، يعني: أسفار التوراة ? وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ?، تمم وأكمل ما أمر به؛ ثم بين ما في صحفهما فقال: ? أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ? أي: لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى، ومعناه: لا تؤخذ نفس بإثم غيرها ? وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ? عمل ? وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ?، في ميزانه يوم القيامة ? ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى ? الأكمل الأتم ? وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ?، أي: منتهى الخلق ومصيرهم إليه.
? وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ?، قال مجاهد: أضحك أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار،
¥