تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان - قال -: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرّون بها - يعني: على ملأ من الملائكة - إلا قالوا: ما هذه الروح الطيّبة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمّونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح له فيشيّعه من كلِّ سماء مقرّبوها إلى السماء التي تليها، حتى يُنتهى به إلى السماء السابعة فيقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في علّيّين وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى - قال -: فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدّقت، فينادي منادٍ من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مدّ بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه وحسن الثياب طيّب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرّك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: ربِّ أقم الساعة، ربِّ أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.

وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزلت إليه ملائكة من السماء سود الوجوه معهم المسوح، فجلسوا منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، فيخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على الأرض، فيصعدون بها فلا يمرّون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمّى بها في الدنيا، حتى يُنتهى بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له - ثم قرأ رسول الله ? -: ? لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ? فيقول الله: اكتبوا كتابه في سجّين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحًا - ثم قرأ -: ? وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ? فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه! لا أدري، فينادي منادٍ من السماء: أن كذب عبدي فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار فيأتيه من حرّها وسَمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: ومن أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشرّ! فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تُقِمِ الساعة». رواه أحمد وغيره. وفي رواية: «ثم يقيّض له أعمى أصمّ أبكم، وفي يده مرزبّة لو ضرب بها جبلاً لكان ترابًا، فيضربه ضربة فيصير ترابًا، ثم يعيده الله عز وجل كما كان، فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الشياطين».

وله من حديث أبي هريرة عن النبي ? قال: «إن الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيّبة كانت في الجسد الطيّب، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان، وربّ غير غضبان، قال: فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان فيقولون: مرحبًا بالروح الطيّبة كانت في الجسد الطيّب، ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان وربّ غير غضبان، قال: فلا يزال يقال لها ذلك حتى يُنتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل. وإذا كان الرجل السوء قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغسّاق، وآخر من شكله أزواج». الحديث.

وقوله تعالى: ? إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ?، قال البغوي: ? إِنَّ هَذَا ? يعني: ما ذكر من قصة المحتضرين ? لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ? أي: الحقّ اليقين. وقال ابن كثير: أي: أن هذا الخبر لهو حقّ اليقين الذي لا مرية فيه ولا محيد لأحدّ عنه ? فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ?. وعن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت على رسول الله ?: ? فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ? قال: «اجعلوها في ركوعكم» ولما نزلت: ? سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ? قال رسول الله ?: «اجعلوها في سجودكم». رواه أحمد وغيره. وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم».

* * *

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير