وقوله تعالى: ? فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ?، يقول تعالى: ? فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ?، أي: شك ونفاق، ? فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً ?، أي: شكًا ونفاقًا، كما قال تعالى: ? وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ?.
وقوله تعالى: ? وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ?، أي: ولهم عذاب مؤلم موجع، يخلص حده إلى قلوبهم، ? بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ?، أي: بكذبهم في دعواهم الإِيمان بالله وباليوم الآخر.
وقوله تعالى: ? وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ ?، يقول تعالى: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض بالكفر وتعويق الناس عن الإِيمان، ? قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ?، أي: إنما نريد الإِصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب، ? أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لا يَشْعُرُونَ ? بكونه فسادًا. قال أبو العالية: وكان فسادهم ذلك معصية الله، لأنه من عصى الله في الأرض أو أمر بمعصيته فقد أفسد في الأرض، لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة.
يقول تعالى: ? وَإِذَا قِيلَ ? للمنافقين: آمنوا بمحمد ? وبما جاء به كما آمن الناس، قالوا: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ يعنون أصحاب محمد ?، ? أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء ? الجهال في الدين الضعفاء الرأي، ? وَلَكِن لا يَعْلَمُونَ ?. ذلك.
وقوله تعالى: ? وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ? يقول تعالى: وإذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنون قالوا: آمنا كإيمانكم مصانعة وتقية، وإذا خلوا انصرفوا ? إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ? رؤسائهم، قالوا: ? إِنَّا مَعَكْمْ ?، أي: على دينكم ? إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ? بمحمد وأصحابه نلعب بهم.
قوله تعالى: ? يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ? قال ابن عباس في قوله تعالى: ? اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ? قال: يسخر بهم للنقمة منهم. وقوله تعالى: ? وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ?، أي: يملي لهم في ضلالتهم يترددون متحيرين.
وقوله تعالى: ? أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ? قال ابن عباس: ? أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى ? أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. وقوله تعالى: ? فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ?، أي: ما ربحوا في تجارتهم لأنهم استبدلوا الكفر بالإيمان، ? وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ?. قال قتادة: قد والله رأيتموهم، من خرجوا من الهدى إلى الضلال، ومن الجماعة إلى الفرقة، ومن الأمن إلى الخوف، ومن السنة إلى البدعة.
http://dc228.4shared.com/img/305724460/6a448a7/004.png?sizeM=7
قال ابن عباس: نزلت في المنافقين، يقول: مثلهم في نفاقهم كمثل رجل أوقد نارًا في ليلة مظلمة في مفازة، فاستدفأ ورأى ما حوله، فاتقى مما يخاف، فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره، فبقي في ظلمة خائفًا متحيرًا، فكذلك المنافقون بإظهار كلمة الإِيمان أمنوا على أموالهم وأولادهم، وناكحوا المؤمنين، ووارثوهم، وقاسموهم الغنائم، فلذلك نورهم، فإذا ماتوا عادوا إلى الظلمة والخوف.
وقوله تعالى: ? صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ?، أي: هم صم عن الحق لا يقبلونه، بكم خرس عن الحق لا يقولونه، عمي لا بصائر لهم، فهم لا يرجعون عن الضلالة إلى الحق.
¥