تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله تعالى: ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ?. روى ابن جرير عن معاذ بن جبل قال: (إن رسول الله ? قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم إن الله عز وجل فرض شهر رمضان، فأنزل الله تعالى ذكره: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ? حتى بلغ: ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ?، فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإِطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل: ? فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ ? إلى آخر الآية).

وقال ابن عباس في قوله تعالى: ? فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ?، ? فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً ?، فزاد إطعام مسكين آخر ? فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ?، ? وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ ?، وقال ابن شهاب: ? وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ ?، أي: أن الصيام خير لكم من الفدية. وعن الشعبي قال: نزلت هذه الآية للناس عامة: ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ?، وكان الرجل يفطر ويتصدق بطعامه على مسكين، ثم نزلت هذه الآية: ? فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? قال: فلم تنزل الرخصة إلا للمريض والمسافر. وقال قتادة في قوله: ? وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ?، قال: كان فيها رخصة للشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يطعما مكان كل يوم مسكينًا ويفطرا، ثم نسخ ذلك بالآية التي بعدها فقال: ? شَهْرُ رَمَضَانَ ? إلى قوله: ? فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? فنسختها هذه الآية، فكان أهل العلم يرون ويرجون الرخصة تثبت للشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، إذا لم يطيقا الصوم أن يفطرا ويطعما كل يوم مسكينًا، وللحبلى إذا خشيت على ما في بطنها، وللمرضع إذا ما خشيت على ولدها.

وقوله تعالى: ? إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ?. قال ابن جرير: يعني: إن كنتم تعلمون خير الأمرين لكم أيها الذين آمنوا من الإفطار والفدية والصوم على ما أمركم الله به.

قوله عز وجل: ? شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) ?.

يمدح تعالى هذا الشهر؛ لأنه أنزل فيه القرآن، وفرض صيامه على المسلمين. وروى الإمام أحمد عن واثلة بن الأسقع أن رسول الله ? قال: «أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان». وقال ابن عباس: نزل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر إلى هذه السماء الدنيا جملة واحدة، وكان الله يحدث لنبيه ما يشاء، ولا يجيء المشركون بمثل يخاصمون به إلا جاءهم الله بجوابه، وذلك قوله تعالى: ? وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً * وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ?.

وقوله تعالى: ? هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ?، أي: إرشادًا للناس إلى سبيل الحق ? وَبَيِّنَاتٍ ?، أي: واضحات من الهدى، يعني: من البينات الدالة على حدود الله وفرائضه وحلاله وحرامه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير