تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله عز وجل: ? وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (192) ?.

قال البغوي: أصل الثقافة الحذّ والبصر بالأمر، ومعناه: واقتلوهم حيث أبصرتم مقاتلتهم وتمكنتم من قتلهم، وأخرجوهم من حيث أخرجوكم، وذلك أنهم أخرجوا المسلمين من مكة. فقال: أخرجوهم من ديارهم كما أخرجوكم من دياركم.

وقوله تعالى: ?وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ? قال مجاهد وغيره: يقول: الشرك أشد من القتل.

وقوله تعالى: ?وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?.

قال ابن كثير: وقوله: ? وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ? كما جاء في الصحيحين: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، وإنها ساعتي هذه حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله r ، فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم»، يعني بذلك صلوات الله وسلامه عليه: قتاله أهله يوم فتح مكة، فإنه فتحها عنوة وقتلت رجال منهم عند الخندمة، وقيل: صلحًا؛ لقوله: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن».

وقوله: ? حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ ?، يقول تعالى: ? وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ? إلا أن يبدءوكم بالقتال فيه، فلكم حينئذٍ قتالهم وقتلهم دفعًا للصائل، كما بايع النبي r أصحابه يوم الحديبية تحت الشجرة على القتال؛ لما تألبت عليه بطون قريش، ومن والاهم من أحياء ثقيف، والأحابيش عامئذ، ثم كفّ الله القتال بينهم، فقال: ? وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ?. وقال: ? وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ?.

وقوله: ? فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ?، أي: فإن تركوا القتال في الحرام، وأنابوا إلى الإِسلام والتوبة؛ فإن الله يغفر ذنوبهم؛ ولو كانوا قد قتلوا المسلمين في حرم الله، فإنه تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب منه إليه. انتهى.

قوله عز وجل: ? وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) ?.

قال البغوي: وقاتلهم، يعني: المشركين، ? حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ? أي: شرك، يعني: قاتلوهم حتى يسلموا، فلا يقبل من الوثني إلا الإِسلام، فإن أبى قُتل. ? وَيَكُونَ الدِّينُ ?، أي: الطاعة والعبادة لله وحده، فلا يعبد شيء دونه. قال نافع: جاء رجل إلى ابن عمر في فتنة ابن الزبير، فقال: ما يمنعك أن تخرج؟ قال: يمنعني أن الله حرم دم أخي قال: ألا تسمع ما ذكره الله عز وجل: ? وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ? فقال: ابن أخي، ولأن أعتبر بهذه الآية ولا أقاتل، أحبّ إليّ من أن أعتبر بالآية التي يقول الله عز وجل: ? وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً ? قال: ألم يقل الله: ? وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ? قال: قد فعلنا على عهد رسول الله r إذ كان الإسلام قليلاً وكان الرجل يفتن في دينه إما يقتلونه أو يعذبونه، حتى كثر الإِسلام فلم تكن فتنة، وكان الدين لله،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير