ـ وأما التقسيم المنطقي الذي يستفيد منه طالب العلم في الحفظ والفهم فحَدِّثْ ولا حرج؛ فقد ذكر (التربية العامة والخاصة) [ص 39]، و (هداية البيان والتوفيق) [ص 40]، و (مرض الشهوات والشبهات) [ص 42] , وبيّن أنّ (الفسق نوعان) [ص 47]، و (توبة الله على العبد نوعان) [ص 50]، و (إذن الله نوعان: قدريّ وشرعيّ) [ص 61]، و (الإحسان نوعان) [ص 148 - 149]، و (له ضدّان) [ص 57 - 178]، و (القنوت نوعان) [ص 64]، و (الحفظ نوعان) [ص 71]، و (المعيّة عامةٌ وخاصّةٌ)، و (الناس عند المصائب قسمان) [ص 76]، و (البدعة نوعان) [ص 77 - 88]، و (الدعاء نوعان والقرب نوعان) [ص 87]، و (الرزق دنيويٌّ وأُخرويٌّ) [ص 95]، و (الظلم ثلاثة أقسام) [ص 102]، و (معاملة الناس فيما بينهم على درجتين) [ص 105]، و (النفقة يعرض لها آفتان) [ص 114]، و (الخسران منه ما هو كفرٌ ومنه ما هو دون ذلك) [ص 48].
السابع: أنّ الشيخ قد اهتمّ بتربية النفوس وتزكية الأرواح؛ لعلمه بأنّ وظيفة الدعاة هداية الناس إلى الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. وقد سجّل الشيخ - رحمه الله -مواعظَ بليغةً توجل منها قلوب الصالحين، وتذرف منها العيون؛ مما يدلّ على صلاحه، ورسوخ علمه:
ـ كما في قوله في تفسير (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكّيكم) [البقرة: 151]:"أي: يطهّر أخلاقكم ونفوسكم, بتربيتها على الأخلاق الجميلة, وتنزيهها عن الأخلاق الرذيلة, وذلك كتزكيتهم من الشرك إلى التوحيد, ومن الرياء إلى الإخلاص, ومن الكذب إلى الصدق, ومن الخيانة إلى الأمانة, ومن الكِبْر إلى التواضع, ومن سوء الخلق إلى حسن الخلق, ومن التباغض والتهاجر والتقاطع إلى التحابّ والتواصل والتوادد, وغير ذلك من أنواع التزكية" [ص 74].
ـ وكما في قوله في تفسير (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) [البقرة: 153]:"فالصبرُ هو: حبسُ النفسِ وكفُّها على ما تكره، فهو ثلاثة أقسام: صبرُها على طاعةِ الله حتى تؤدِّيَها، وعن معصيةِ الله حتى تتركَها، وعلى أقدارِ الله المؤلمة فلا تتسخّطها" [ص 75].
ـ ومثل قوله في تفسير (ولا يكلّمهم الله يوم القيامة) [البقرة 174]:"بل قد سخط عليهم، وأعرض عنهم؛ فهذا أعظم عليهم من عذاب النار! " [ص 82].
ـ وكذلك تعبيره عند قول الله - تعالى -: (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابلٌ فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابلٌ فطل) [البقرة: 265] بقوله:"فيالله لو قُدِّر وجودُ بستانٍ في هذه الدار بهذه الصفة؛ لأسرعتْ إليه الهِمَم، وتزاحم عليه كلّ أحدٍ، ولحصل الاقتتال عنده، مع انقضاء هذه الدار وفنائها، وكثرة آفاتها وشدّة نَصَبها وعنائها؛ وهذا الثواب الذي ذكره الله كأنّ المؤمن ينظر إليه بعين بصيرة الإيمان، دائمٌ مستمرٌّ فيه أنواع المسرّات والفرحات؛ ومع ذلك تجد النفوسَ عنه راقدة، والعزائم عن طلبه خامدة! أتُرى ذلك زهداً في الآخرة ونعيمها؟ أم ضعف إيمان بوعد الله ورجاء ثوابه؟! وإلا فلو تيقّن العبد ذلك حقَّ اليقين، وباشر الإيمان به بشاشة قلبه؛ لانبعثتْ من قلبه مُزعِجات الشوق إليه، وتوجّهتْ هِمَم عزائمه إليه، وطوّعتْ نفسه له بكثرة النفقات؛ رجاء المثوبات! " [ص 114].
الثامن: أنّ الشيخ قد اهتم بشأن الموعظة البليغة، والذكرى النافعة؛ حتى يستفيد منها المسلمون في هذا العصر الذي طغتْ فيه المادّة، وقستْ فيه القلوب، وكثرت فيه المعاصي والخَبائث:
ـ فقد قال رحمه الله:"قوله - تعالى - (صُمٌّ) أي: عن سماع الخير, (بُكْمٌ) أي: عن النطق به, (عُمْيٌ) عن رؤية الحق, (فهم لا يرجعون)؛ لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه, فلا يرجعون إليه" [ص 44].
ـ وقال عند قول الله - تعالى -: (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) [البقرة: 42]:"من لَبَس الحق بالباطل؛ فلم يميِّز هذا من هذا، مع علمه بذلك، وكتم الحق الذي يعلمه وأُمِر بإظهاره؛ فهو من دُعاة جهنّم لأنّ الناس لا يقتدون في أمر دينهم بغير علمائهم؛ فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين! " [ص 51].
ـ وقال عند قول الله - تعالى -: (ألم تعلم أنّ الله له ملك السموات والأرض):"فالعبدُ مُدَبَّرٌ مسخَّرٌ تحت أوامر ربّه الدينيّة والقدريّة؛ فما له والاعتراض؟! " [ص 62].
¥