تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن كثير: والمعنى: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم ممن تقدم وصفهم ونعتهم، وهم أهل الهداية والاستقامة والطاعة لله ورسله، وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره، غير صراط المغضوب عليهم، وهم الذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق. انتهى.

وروى الإمام أحمد وغيره عن عدي بن حاتم قال: جاءت خيل رسول الله ?، فأخذوا عمتي وناسًا، فلما أتوا بهم إلى رسول الله ? صفوا له، فقالت: يا رسول الله نأى الوافد، وانقطع الولد، وأنا عجوز كبيرة ما بي من خدمة فَمُنَّ عليّ مَنَّ الله عليك، قال: «ومن وافدك»؟ قالت: عدي بن حاتم، قال: «الذي فر من الله ورسوله»؟ قالت: فمنّ عليّ. فلما رجع ورجل إلى جنبه ترى أنه عليّ، قال: سليه حملانًا، فسألته فأمر له، قال: فأتتني فقالت: إنك فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها، فإنه قد أتاه فلان فأصاب منه، وأتاه فلان فأصاب منه، فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيّان - وذكر قربهم من النبي ? - قال: فعرفت إنه ليس بملك كسرى ولا قيصر، فقال: «يا عدي ما أَفَرَّكَ؟ أن يقال لا إله إلا الله؟ فهل من إله إلا الله؟ ما أفرَّك أن يقال الله أكبر؟ فهل شيء أكبر من الله عز وجل» قال: فأسلمت، فرأيت وجهه استبشر، وقال: «إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى» ... وذكر الحديث.

قال ابن كثير: مسألة، والصحيح من مذاهب العلماء، أنه يغتفر الإِخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما لمن لا يميز ذلك؛ وأما حديث: «أنا أفصح من نطق بالضاد» فلا أصل له، والله أعلم. انتهى ملخصًا، قال ابن مفلح في الفروع: (وإن قرأ: غير المغضوب عليهم ولا الضالين بظاء، فالوجه الثالث يصح مع الجهل). قال في تصحيح الفروع: (أحدها لا تبطل الصلاة، اختاره القاضي، والشيخ تقي الدين، وقدمه في المغني والشرح وهو الصواب) انتهى. يعني: تصح الصلاة ولو كان يميز الضاد والظاء، والأحوط للإِمام القراءة بالضاد إذا كان يميز ذلك.

وقال ابن كثير: اشتملت هذه السورة الكريمة وهي سبع آيات، على حمد الله وتمجيده والثناء عليه، بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، وعلى ذكر المعاد وهو: يوم الدين، وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه، والتبرؤ من حولهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى، وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، وتثبيتهم عليه حتى يفضي بهم ذلك إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة، المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين.

واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة، ليكونوا مع أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك الباطل لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة، وهم المغضوب عليهم والضالون. انتهى.

ويستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها: (آمين) في الصلاة وغيرها. ومعناها: اللهم استجب لنا. لما رواه الإمام أحمد وغيره عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: سمعت النبي ? قرأ: ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، فقال: «آمين» مد بها صوته. ولأبي داود: (رفع بها صوته).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله ? إذا تلا ? غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ?، قال: «آمين»، حتى يسمع من يليه من الصف الأول). رواه أبو داود وابن ماجة وزاد فيه: (فيرتج بها المسجد).

وفي الصحيحين أن رسول الله ? قال: «إذا أمنَّ الإمام فأمّنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ? قال: «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على قول آمين، فأكثروا من قول آمين». رواه ابن ماجة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير