: هي التوراة حرّفوها.
قال ابن كثير: وهذا الذي ذكره السدي أعم مما ذكره ابن عباس.
وقال ابن زيد: ? يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ ?. قال التوراة التي أنزلها الله عليهم، يحرفونها، يجعلون الحلال فيها حرامًا، والحرام فيها حلالاً، والحق فيها باطلاً، والباطل فيها حقًا؛ إذا جاءهم المحق برشوة، أخرجوا له كتاب الله، وإذا جاءهم المبطل برشوة، أخرجوا له ذلك الكتاب، فهو فيه محق، وإذا جاءهم أحد يسألهم شيئًا، ليس فيه حق ولا رشوة ولا شيء، أمروه بالحق، فقال الله لهم: ? أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ?.
قوله عز وجل: ? وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (76) أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ (78) ?.
قال ابن عباس: ? وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا ?، أي: أن صاحبكم رسول الله، ولكنه إليكم خاصة. ? وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ ?: لا تحدثوا العرب بهذا، فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم، فكان منهم، فأنزل الله: ? وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ ?، أي: تقرّون بأنه نبي، وقد علمتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم باتباعه، وهو يخبرهم أنه النبي الذي كنا ننتظر ونجد في كتابنا، اجحدوه ولا تقرّوا به.
يقول الله تعالى:? أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ?. وقال السدي: هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا. وقال أبو العالية: ? أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ ?، يعني: بما أنزل عليكم في كتابكم من بعث محمد ?.
http://dc252.4shared.com/img/305724020/65c1257f/012.png?sizeM=7
وقوله تعالى: ? وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ ?، يقول تعالى: ? وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ ? أي: من اليهود أميون، لا يحسنون القراءة والكتابة. قال مجاهد: الأمي الذي لا يحسن الكتابة.
وقوله تعالى: ? لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ ?، قال ابن عباس: يعني: غير عارفين بمعاني الكتاب. ? وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ ?، أي: ولا يدرون ما فيه. وقال مجاهد: ? وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ ?. قال: أناس من اليهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئًا، وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله.
قوله عز وجل: ? فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ (79) ?.
قال الزجاج: ? وَيْلٌ ? كلمة تقولها العرب لكل واقع في هلكة. قال ابن كثير: هؤلاء صنف آخر من اليهود، وهم الدعاة إلى الضلال بالزور والكذب على الله، وأكل أموال الناس بالباطل. قال ابن عباس: ? فَوَيْلٌ لَّهُم ?، يقول: فالعذاب عليهم من الذين كتبوا بأيديهم من ذلك الكتاب، ? وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ? يقول: مما يأكلون به أموال الناس.
¥