قال ابن كثير: وقوله: ? فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ?، أي: فما بالكم؟ أين يُذهب بعقولكم؟ كيف سوّيتم بين الله وبين خلقه، وعدلتم هذا بهذا، وعبدتم هذا وهذا؟ وهلاّ أفردتم الربّ جل جلاله، المالك الحاكم الهادي من الضلالة، بالعبادة وحده وأخلصتم له الدعوة والإنابة؟ ثم بيّن تعالى أنهم لا يتبعون في دينهم هذا دليلاً ولا برهانًا، وإنما هو ظن منهم، أي: توّهم وتخيّل، وذلك لا يغني عنهم شيئًا، ? إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ?. تهديد لهم ووعيد شديد لأنه تعالى أخبر أنه سيجازيهم على ذلك أتم الجزاء. والله أعلم.
قال الفراء: قوله تعالى: ? وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ ? معناه: وما ينبغي لمثل هذا القرآن أن يفترى من دون الله، كقوله تعالى: ? وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ?.
وقوله تعالى: ? وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ?، أي: من التوراة والإنجيل، ? وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ ? تبيين ما في القرآن من الحلال، والحرام، والأحكام ? لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ?.
? أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ?، أي: اختلق محمد القرآن من قبل نفسه ? قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ ? ليعينوكم على ذلك ? إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ? أن محمدًا افترأه ? بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ ?، يعني: لما رأوا القرآن مشتملاً على أمور ما عرفوا حقيقتها، سارعوا بجهلهم إلى التكذيب ? وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ?، أي: عاقبة ما وعد الله في القرآن ? كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ? آخر أمرهم بالهلاك.
? وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ ? أي: من قومك من يؤمن بالقرآن، ? وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ ? لعلم الله السابق فيهم إنهم لا يؤمنون، ? وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ?.
? وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي ? وجزاؤه ? وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ? وجزاؤه ? أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ?.
? وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ? بأسماعهم الظاهرة فلا ينفعهم، ? أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ ?؟ فإن الأصم العاقل ربما يتفرّس.
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[23 - 07 - 10, 09:47 ص]ـ
الثلاثاء.-------> 27/ 07/2010.-------> الصفحة 214.-------> والصفحة 215
http://dc247.4shared.com/img/345958023/ba7e78e7/214.png?sizeM=7
? وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ ? ويعاينون أدلّة صدقك لكن لا يصدّقون، ? أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ ?؟ أي: أفتطمع أنك تقدر على فاقد البصر والبصيرة؟ فإن العمى مع الحمق جهد البلاء، ? إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ? بالكفر والمعاصي.
قوله عز وجل: ? وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (45) وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (48) قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (49) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50) أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ
¥