للناس في هذا أقوال فمنهم من قال إنها منسوخة ومنهم من قال هي محكمة ولا ينفع أحد أن يصدق عنه أحد ولا أن يجعل له ثواب شيء عمله قالوا وليس للإنسان إلا ما سعى كما قال الله جل وعز
وقال قوم قد جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم بأسانيد صحاح فهي مضمومة إلى الآية وقال قوم الأحاديث لها تأويل وليس للإنسان على الحقيقة إلا ما سعى فمن تؤول عليه أن الآية منسوخة ابن عباس كما حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا عبدالله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال وقوله تعالى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى فانزل الله جل وعز بعد ذلك والذين ءامنوا أتبعهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم فأدخل الله عز و جل الأباء الجنة بصلاح الأبناء وقال محمد بن جرير يذهب إلى أنها منسوخة
قال أبو جعفر كذا عندي في الحديث وكان يجب أن يكون فأدخل الله عز و جل الأبناء الجنة بصلاح الأباء إلا أنه يجوز أن يكون المعنى على أن الآباء يلحقون الأبناء كما يلحق الأبناء بالآباء
قال أبو جعفر وحدثنا أحمد بن محمد بن نافع قال حدثنا سلمة قال حدثنا عبدالرزاق قال حدثنا الثوري عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال إن الله يرفع ذرية المؤمن معه في درجة الجنة وإن كانوا دونه في العمل والذين ءامنوا وتبعهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم أي نقصناهم
وحدثنا أحمد بن محمد الأزدي قال حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال حدثنا أحمد بن شكيب الكوفي قال محمد بن بشر العبدي قال حدثنا سفيان الثوري عن سماعه عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن الله جل وعز ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته وإن كان لم يبلغها بعمله ليقر بهم عينه ثم قرأ والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم الآية
قال أبو جعفر فصار الحديث مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وكذا يجب أن يكون لأن ابن عباس رحمه الله لا يقول هذا إلا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم لأنه إخبار عن الله عز و جل بما يفعله وبمعنى أنه أنزلها عز و جل
وأما قول من قال لا ينفع أحدا أن يصدق عنه أحد ولم يتأول الأحاديث فقول مرغوب عنه لأن ما صح عن النبي صلى الله عليه و سلم لم يسع أحدا رده قال الله جل وعز وما ءاتاكم الرسول فخذوه وقد صحت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أحاديث سنذكر منها شيئا
قال أبو جعفر حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا عبدالله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبدالله بن عباس قال كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل بن عباس ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الأخر فقالت يا رسول الله إن فريضة الله جل وعز على عباده بالحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم وذلك في حجة الوداع
قال أبو جعفر وفي حديث ابن عيينة عن عمرو عن الزهري عن سليمان عن ابن عباس زيادة وهي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لها أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت تقضينه قالت نعم قال فدين الله أولى فقال قوم لا يحج أحد عن أحد واحتج له بعض أصحابه فقال في الحج صلاة لا بد منها وقد أجمع العلماء على أن لا يصلي أحد عن أحد قيل لهم فالحج مخالف للصلاة مع ثبات السنة وسنذكر قول من تأول الحديث
وقد روى شعبة عن جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلا قال يا رسول الله إن أمي توفيت وعليها صيام قال فصم عنها
وقد قال من يقتدى بقوله من العلماء لا يصم أحد عن أحد فقال من احتج لهم هذا الحديث وإن كان مستقيم الإسناد وسعيد بن جبير وإن كان له المحل الجليل فقد وقع في أحاديثه غلط وقد خالفه عبيدالله بن عبدالله وعبيدالله من الإتقان على ما لا خفاء به كما حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا عبدالله بن يوسف قال أنبانا مالك عن عبيدالله بن عبدالله بن مسعود الهذلي عن عبدالله بن عباس أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله ان أمي ماتت وعليها نذر لم تقضه قال فاقضه عنها
¥