ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 10 - 05, 01:12 ص]ـ
المطلب الثاني:حب القلب للقرآن:
وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: علاقة حب القرآن بالتدبرمن المعلوم أن القلب إذا أحب شيئا تعلق به، واشتاق إليه، وشغف به. وانقطع عما سواه.
والقلب إذا أحب القرآن تلذذ بقراءته، واجتمع على فهمه ووعيه فيحصل بذلك التدبر المكين، والفهم العميق
وبالعكس إذا لم يوجد الحب فإن إقبال القلب على القرآن يكون صعبا، وانقياده إليه يكون شاقا لا يحصل إلا بمجاهدة ومغالبة، وعليه فتحصيل حب القرآن من أنفع الأسباب لحصول أقوى وأعلى مستويات التدبر.
والواقع يشهد لصحة ماذكرت فإننا مثلا نجد أن الطالب الذي لديه حماس ورغبة وحب لدراسته يستوعب ما يقال له بسرعة فائقة وبقوة، وينهي متطلباته وواجباته في وقت وجيز، بينما الآخر لا يكاد يعي ما يقال له إلا بتكرار وإعادة، وتجده يذهب معظم وقته ولم ينجز شيئا من واجباته.
المسألة الثانية: علامات حب القلب للقرآن
حب القلب للقرآن له علامات منها:
1 - الفرح بلقائه والجلوس معه أوقاتا طويلة دون ملل.
2 - الشوق إلى لقائه متى بعد العهد عنه وحال دون ذلك بعض لموانع، وتمني ذلك والتطلع إليه ومحاولة إزالة العقبات التي تحول دونه.
3 - كثرة مشاورته والثقة بتوجيهاته والرجوع إليه فيما يشكل من أمور الحياة صغيرها وكبيرها.
4 - طاعته، أمرا ونهيا.
هذه أهم علامات حب القرآن، فمتى وجدت فإن الحب موجود، ومتى تخلفت فحب القرآن مفقود، ومتى تخلف شئ منها نقص حب القرآن بقدر ذلك التخلف.
إنه ينبغي لكل مسلم أن يسأل نفسه هذا السؤال: هل أنا أحب القرآن؟
إنه سؤال مهم وخطير، وإجابته أشد خطرا،إنها إجابة تحمل معان كثيرة.
وقبل أن تجيب على هذا السؤال ارجع إلى العلامات التي سبق ذكرها لتقيس بها إجابتك وتعرف بها الصواب من الخطأ.
إن بعض المسلمين لو سئل هل تحب القرآن؟ يجيب: نعم أحب القرآن، وكيف لا أحبه؟ لكن هل هو صادق في هذا لجواب؟
كيف يحب القرآن وهو لا يطيق الجلوس معه دقائق، بينما تراه يجلس الساعات مع ما تهواه نفسه وتحبه من متع الحياة.
قال أبو عبيد: "لا يسأل عبد عن نفسه إلا بالقرآن فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله".
إننا ينبغي أن نعترف أولا أن الجواب: لا إذا لم توجد فينا العلامات السابقة. ثم نسعى في الحصول على الجواب: نعم. وهو ما سيتم بيانه في المسألة التالية.
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 10 - 05, 01:14 ص]ـ
المسألة الثالثة وسائل تحقيقه
لتحصيل حب القلب للقرآن وسيلتان:
الوسيلة الأولى: التوكل على الله تعالى والاستعانة به
الاستعانة بالله تعالى وسؤاله سبحانه أن يرزقك (حب القرآن)، ومن ذلك الدعاء العظيم عن ابن مسعود _ قال: قال رسول الله ‘: " ما قال عبد قط إذا أصابه هم أو حزن: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحا قالوا يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات قال أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن.
فيكرره كل يوم ثلاثا خمسا سبعا ويتحرى مواطن الإجابة ويجتهد أن يكون سؤاله بصدق وبتضرع وإلحاف وشفقة وحرص شديد أن يجاب وأن يعطى، إن بعض الناس لا يعرف الإلحاف في المسألة إلا في مطالبه الدنيوية المادية، أما الأمور الدينية فتجد سؤاله لها باردا باهتا هذا إن دعا وسأل.
ومن الاستعانة بالله في حصول تدبر القرآن ما شرع لقارئ القرآن من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ومن البسملة في أوائل السور ففيها طلب العون من الله تعالى على تدبر القرآن عامة والسورة التي يريد قراءتها خاصة.
الوسيلة الثانية: فعل الأسباب:
وخير الأسباب وأنفعها في هذا المقام العلم ووسيلته: القراءة أو السماع:
أي القراءة عن عظمة القرآن مما ورد في القرآن والسنة، وأقوال السلف في تعظيمهم للقرآن وحبهم له. وأقترح على كل راغب في تحصيل حب القرآن أن يضع له برنامجا يتضمن نصوصا من القرآن والسنة واقوال السلف، فيها بيان لعظمة القرآن ومكانته، ويرتبها على مستويين: متن، وشرح، فالمتن يحفظ ويكرر، والشرح يقرأ ويفهم، ويتم ربط المعاني التي تضمنها الشرح بألفاظ المتن.
ويرجى بإذن الله تعالى لمن طبق هذا البرنامج أن يرزقه الله حب القرآن وتعظيمه والذي هو المفتاح الرئيس لتدبر القرآن وفهمه، وكل كلام يقال في هذا الموضوع فهو متوقف عليه، وهذا السر في أن الكثير منا يقرأ في هذا الموضوع ولا يخرج بأي نتائج إيجابية.فأكثر من القراءة عن القرآن، اقرأ باستمرار عن حال السلف مع القرآن وقصصهم في ذلك وأخبارهم.
ينبغي أن نعلم أن عدم حبنا للقرآن وتعظيمنا له سببه الجهل بقيمته، مثل الطفل تعطيه خمسائة ريال فيرفض ويطلب ريالا واحدا.فكذلك من لا يعرف قيمة القرآن يزهد فيه ويهجره ويشتغل بما هو أدنى منه.
لو أعلن عن كتاب من يختبر فيه وينجح يمنح عشرة مليارات؟ فكيف يكون حرص الناس وتعلقهم بهذا الكتاب وكيف يكون الطلب عليه والاشتغال بمذاكرته.
إن القرآن كتاب من ينجح فيه يمنح ملكا لا حدود له.
¥