تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولإحاطتها سمي بها الجبل المحيط بالأرض، هذا بمخرجها، وأما صفتها فإنها عظيمة في ذلك فإن لها الجهر والشدة والانفتاح والاستعلاء والقلقة، وكل منها ظاهر الدلالة على ذلك جدا، وأدل ما فيها من المخلوقات على هذا المقصد لما انفردت به عما شاركها من النبلات بالإحاطة بالطول وكثرة المنافع، فإنها جامعة للفكه بالقلب ثم الطلع ثم البسر ثم الرطب وبالاقتيات بالتمر وبالخشب والحطب والقطا والخوض النافع للافتراش والليف النافع للحبال، ودون ذلك وأعلاه من الخلال، هذا مع كثرة ملابسة العرب الذين هم أول مدعو بهذا الكتاب الذكر لها ومعرفتهم بخواصهعا، وأدل ما فيها الطول مع أنه ليس لعروقها من الامتداد في الأرض والتمكن ما لغيرها، ومثل ذلك غير كاف في العادة في الإمساك عن السقوط وكثرة الحمل وعظم الإفناء وتناضد الثمر، ولذلك سميت سورة الباسقات لا النخل) بسم الله (الذي من إحاطة حمده بيانه ما لنبيه (صلى الله عليه وسلم) من إحاطة الحمد، ولقدرته سبحانه من الإحاطة التي ليس لها حد) الرحمن (الذي عم خلقه برحمته حين أرسل إليهم محمدا (صلى الله عليه وسلم) بشرائعه، فهو أصدق العباد، وأظهر بعظيم معجزاته أن قدرته ما لها من نفاذ) الرحين (الذي خص بالفوز في دار القرار أهل الرغاد.

ق: (1 - 6) ق والقرآن المجيد

) ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُواْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضَ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ بَلْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ أَفَلَمْ يَنظُرُواْ إِلَى السَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (()

لما ختم سبحانه الحجرات بإحاطة العلم قال أول هذه: (ق (إشارة إلى أنه هو سبحانه وحده المحيط علماً وقدرة بما له من العلو والشدة والقوة القيومية والقهر ونافذ القضاء والفتح لما أراد من المغلقات، بما أشارت إليه القاف بصفاتها وأظهرته بمخرجها المحيط بما جمعه مسماها من المخارج الثلاث: الحلق واللسان والشفاه.

وقد قال الأستاذ أبو الحسن الحرالي في سر افتتاح المفصل بهذا الحرف فقال في آخر كتابه في هذا الحرف: اعلم أن القرآن منزل مثاني، ضمن ما عدا المفصل منه الذي هو من قاف إلى آخر الكتاب العزيز وفاتحة ما يختص بأولي العلم والفقه من مبسوطات الحكم ومحكمات الأحكام ومطولات الأقاصيص، ومتشابه الآيات، والسورة المفتتحة بالحروف الكلية للإحاطة لغيبية المتهجى المسندة إلى آحاد الأعداد، فلعلو رتبة إيراده وطوله ثنى الحق سبحانه الخطاب وانتظمه في سور كثيرة العدد يسير عدد الآي قصيرة مقدارها، ذكر فيها من أطراف القصص والمواعط والأحكام والثناء وأمر الجزاء ما يليق بسماع العامة ليسهل عليهم سماعه وليأخذوا بحظ مما أخذه الخاصة وليكرر على أسماعهم في قراءة الأئمة له في الصلوات المفروضة التي لا مندوحة لهم عنها ما يكون

لهم خلفاً مما يعلوهم من مضمون سائر السور المطولات، فكان أحق ما افتتح به مفصلهم حرف ق الذي هو وتر الآحاد، والظاهر منها مضمون ما يحتوي عليه مما افتتح بألف لام ميم، وكذلك كان (صلى الله عليه وسلم) يكثر أن يقرأ في خطبة يوم الجمة إليهم لأنهم صلاة جامعة الظاهر بفاتحة المفصل الخاص بهم، وفي مضمونها من معنى القدرة والقهر المحتاج إليه في إقامة أمر العامة ما فيه كفاية، وشفعت بسورة المطهرة فخصوا بما فيه القهر والإنابة، واختصرت سورة نون من مقتضى العلم بما هو محيط بأمر العامة المنتهي إلى غاية الذكر الشامل للعالمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير