تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما كان جميع السور المفتتحة بالحروف المتضمنة للمراتب التسع، العاشر الجامع قواماً وإحاطة في جميع القرآن، ولذلك كانت سورة قاف وسورة ن قواماً خاصاً وإحاطة خاصة بما يخص العامة من القرآن الذين يجمعهم الأرض بما أحاط بظاهرها من صورة جبل قاف، وما أحاط بباطنها من صورة حيوان (نون) الذي تمام أمرهم بما بين مددي إقامتها ولهذا السورة المفتتحة بالحرف ظهر اختصاص القرآن وتميزه عن سائر الكتب لتضمنها الإحاطة التي لا تكون إلا بما للخاتم الجامع، واقترن بها من التفضيل في سورها ما يليق بإحاطتها، ولإحاطة معانيها وإتمامها كان كل ما فسرت به من معنى يرجع إلى مقتضاها، فهو صحيح في إحاطتها ومنزلها من أسماء الله وترتبها في جميع العوالم، فلا يخطىء فيها مفسر لذلك لأنه لكما قصد وجهاً من التفسير لم يخرج عن إحاطة ما تقتضيه، ومهما فسرت به من أنها من أسماء الله تعالى أو من أسماء الملائكة أو من أسماء الأنبياء أو من مثل الأشياء، وصور الموجودات أو من أنها أقسام أقسم بها، أو فواتح عرفت بها السور، أو أعداد تدل على حوادث وحظوظ من ظاهر الأمر أو باطنه على اختلاف رتب وأحوال مما أعطيه محمد (صلى الله عليه وسلم) من مقدار أمد الخلافة والملك والسلطنة وما ينتهي إليه أمره من ظهور الهداية ونحو ذلك مما يحيط بأمد يومه إلى غير ذلك، وكل داخل في إحاطتها، ولذلك أيضاً لا تختص بمحل مخصوص تلزمه علامة إعراب مخصوصة فمهما قدر في مواقعها من هذه السورة جراً أو نصباً أو رفعاً، فتداخل في إحاطة رتبتها ولم يلزمها معنى خاص ولا إعراب خاص لما لما يكن لها انتظام، لأنها مستقلات محيطات، وإنما ينتظم ما يتم معنى - كل واحد من المنتظمين بحصول الانتظام، وذلك يخص من الكلم بما يقصر عن إحاطة مضمون الحروف حتى أنه متىا وقع استقلال وإحاطة في كلمة لم يقع فيها انتظام.

ولما أشار سبحانه إلى هذه الإحاطة بالقاف، أقسم على ذلك قسماً هو في نفسه دال عليه فقال: (والقرآن) أي الكتاب الجامع الفارق) المجيد (الذي له العلو والشرف والكرم والعظمة على كل كلام، والجواب أنهم ليعلمون ما أشارت إليه القاف من قوتي وعظمتي وإحاطة علمي وقدرتي، وما اشتمل عليه القرآن من المجد بإعجازه واشتماله على جميع العظمة، ولم ينكروا شيئاً من ذلك بقلوبهم، ومجيد القرآن كما تقدم في أثناء الفاتحة ما جريب إحكامه من بين عاجل ما شهد وآجل ماعلم بعلم ما شهد، وكان معلوماً بالتجربة المتيقنة بما تواتر من القصص الماضي، وما شهد من الأثر الحاضر وما يتجدد مع الأوقات من أمثاله وأشباهه، وإذا تأملت السورة وجدت آيها المنزلة على جميع ذلك، فإنه سبحانه ذكرهم فيها ما يعلمون من خلق السماوات والأرض وما فيهما ومن مصارع الأولين وكذا السورة الماضية ولا سيما آخرها المشير إلى أنه أدخل على الناس الإيمان برجل واحد غلبهم بمجده وإعجازه لمجد منزله بقدرته وإحاطة علمه - والله الهادي، ومن أحاط علماً بمعانيه وعمل ما فيه مجد عند الله وعند الناس.

وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما كانت سورة الفتح قد انطوت على جملة من الألطاف التي خص الله بها عباده المؤمنين كذكره تعالى أخوتهم وأمرهم بالتثبت عند غائلة معتد فاسق) يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ (الآية، وأمرهم بغض الأصوات عند نبيهم وأن لا يقدموا بين يديه ولا يعاملوه في الجهر بالقول كمعاملة بعضهم بعضاً، وأمرهم باجتناب كثير من الظن ونهيهم عن التجسس والغيبة، وأمرهم بالتواضع في قوله) يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى (وأخبرهم تعالى أن استجابتهم وامتثالهم هذه الأوامر ليست بحولهم، ولكن بفضله وإنعامه، فقال: (ولكن الله حبب إليك الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان (الآيتين، ثم أعقب ذلك بقوله) يمنون عليك أن أسلموا (الآية، ليبين أن ذلك كله بيده ومن عنده، أراهم سبحانه حال من قضى عليه الكفر ولم يحبب إليه الإيمان ولا زينه في قلبه، بل جعله في طرف من حال منأمر ونهى في سورة الفتح مع المساواة في الخلق وتماثل الأدوات فقال تعالى: (والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم (الآيات، ثم ذكر سبحانه وتعالى وضوح الأدلة) أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم (الآيات، ثم ذكر حال غيرهم ممن كان على

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير