مع أن هذا لو كان قولهم لاشتهر عنهم للحاجة الملحة إليه أمام كثرة النصوص ووفرتها فلما لم يؤثر عنهم شيء من هذا علم أنهم يقرون بهذه الظواهر ولا يرفضونها
وهذا نقوله تنزلا وإلا فقد ورد عنهم مما لا يحصى الحث على الأخذ بهذه الظواهر والتصريح بأنهم لا ينكرون شيئا منها.
وسأنقل لك نماذج من كلامهم تبين لك أنهم لم يكونوا يستنكرون ظواهر الصفات وأنهم كانوا يقرون النصوص دون أدنى اعتراض على ما اشتملت عليه من ظواهر للصفات وهي والله غيض من فيض
قال الإمام أحمد:
أدركت الناس وما ينكرون من هذه الأحاديث أحاديث الرؤية وكانوا يحدثون بها على الجملة، يمرونها على حالها غير منكرين لذلك ولا مرتابين " ا. هـ
وعن أبي بكر المروذي قال:
" سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والأسماء والرؤية وقصة العرش؟ فصححها وقال: تلقتها العلماء بالقبول، تسلم الأخبار كما جاءت "ا. هـ
وفي رواية أبي طالب للمسائل عن أحمد:
" قلب العبد بين أصبعين، وخلق أدم بيده، وكل ما جاء الحديث مثل هذا قلنا به " ا. هـ
وإليك على سبيل المثال طرفا من موقفهم من صفتين بشكل خاص
روى الطبري في تفسيره:
حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل:" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام"، قال: هو غير السحاب (1) لم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم حين تاهوا، وهو الذي يأتي الله فيه يوم القيامة.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتاده:" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام"، قال: يأتيهم الله وتأتيهم الملائكة عند الموت.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال عكرمة في قوله:" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام"، قال: طاقات من الغمام، والملائكة حوله= قال ابن جريج، وقال غيره: والملائكةُ بالموت
وقال الطبري في تفسير قوله (بأعيننا ووحينا)
" يقول: بعين الله ووحيه كما يأمرك "
ثم ذكر من ذلك
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس: (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا)، قال: بعين الله،
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله: (بأعيننا ووحينا)، قال: بعين الله ووحيه.
وروى ابن أبي حاتم قال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا " قَالَ:"بِعَيْنِ اللَّهِ وَوَحْيِهِ".
وعند عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: (بأعيننا ووحينا (1))، قال: «بعين الله تعالى ووحيه»
وعن معتمر بن سليمان عن ابيه عن ابي عمران الجوني ولتصنع على عيني قال يربى بعين الله
فلم يذكروا في هاتين الصفتين أمام النصوص إلا ما يدل على إقرار الظاهر
قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه حدثنا وكيع عن إسرائيل بحديث إذا جلس الرب جل جلاله على الكرسي فاقشعر رجل عند وكيع فغضب وكيع وقال أدركنا الأعمش والثوري يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها نقله الذهبي وقال رواها أبو حاتم عن أحمد
ونقله عن أحمد ابن قدامة في تحريم النظر
وقال عبد الله بن أحمد:
حدثني أبي نا وكيع بحديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبدالله بن خليفة عن عمر رضي الله عنه قال إذا جلس الرب عز و جل على الكرسي فاقشعر رجل سماه أبي عند وكيع فغضب وكيع وقال أدركنا الاعمش وسفيان يحدثون بهذه الاحاديث لا ينكرونها
وعن أحمد بن نصر أنه سأل سفيان بن عيينة قال:
حديث عبدالله: إن الله عز و جل يجعل السماء على أصبع وحديث إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن، وإن الله يعجب أو يضحك ممن يذكره في الأسواق، وأنه عز و جل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ونحو هذه الأحاديث؟
فقال: هذه الأحاديث نرويها ونقر بها كما جاءت بلا كيف
تأمل: " نقر بها "
وروى محمد بن المثنى قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: أما سمعت ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
¥