وأما أثر ابن عباس فهو أيضا مضطرب صرح به أحمد، كما في [الفتح]، وقد بين اضطرابه الحافظ؛ ولذلك كف أحمد عن القول بالإعتاق من الزكاة تورعا، وقيل: بل رجع عن هذا القول.
والثاني: أنه لا ينكر أن الحج من سبيل الله، بل كل فعل خير من سبل الله، لكن لا يلزم من هذا أن يكون السبيل المذكور في هذه الأحاديث هو
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 122)
المذكور في الآية، فإن المراد في هذه الأحاديث المعنى الأعم، وفي الآية نوع خاص منه وهو الغزو والجهاد؛ لحديث أبي سعيد وإلا فجميع الأصناف من سبيل الله بذلك المعنى.
قال ابن حزم: فإن قيل: قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحج من سبيل الله، وصح عن ابن عباس أن يعطى منها في الحج قلنا: نعم، وكل فعل خير فهو من سبيل الله تعالى، إلا أنه لا خلاف في أنه تعالى لم يرد كل وجه من وجوه البر في قسمة الصدقات، فلم يجز أن توضح إلا حيث بين النص، وهي الذي ذكرنا. انتهى.
وقال ابن قدامة: هذا- أي: عدم صرف الزكاة في الحج - أصح؛ لأن الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين: محتاج إليها كالفقراء والمساكين وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم وابن السبيل، أو من يحتاج إليه المسلمون كالعامل والغازي والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين، والحج من الفقير لا نفع للمسلمين فيه ولا حاجة بهم إليه ولا حاجة به أيضا إليه؛ لأن الفقير لا فرض عليه فيسقط ولا مصلحة له في إيجابه عليه وتكليفه مشقة قد رفهه الله منها، وخفف عنه إيجابها، وأما الخبر (يعني: حديث أن الحج في سبيل الله فلا يمنع أن يكون الحج من سبيل الله، والمراد بالآية غيره لما ذكرنا. انتهى.
وقال ابن الهمام متعقبا على الاستدلال المذكور: ثم فيه نظر؛ لأن المقصود ما هو المراد بسبيل الله المذكور في الآية؟ والمذكور في الحديث لا يلزم كونه إياه لجواز أنه أراد الأمر الأعم وليس ذلك المراد في الآية، بل
(الجزء رقم: 1، الصفحة رقم: 123)
نوع مخصوص، وإلا فكل الأصناف في سبيل الله بذلك المعنى انتهى. وقال صاحب تفسير [المنار]، بعد الكلام في سند حديث أم معقل ما لفظه: وأقول من جهة المعنى: أولا: إن جعل أبي معقل جمله في سبيل الله أو وصيته به صدقة تطوع وهي لا يشترط فيها أن تصرف في هذه الأصناف التي قصرتها عليها الآية. وثانيا: إن حج امرأته عليه ليس تمليكا لها يخرج الجمل عن بقائه على ما أوصى به أبو معقل ويقال مثل هذا في حديث أبي لاس. وثالثا: أن الحج من سبيل الله بالمعنى العام للفظ، والراجح المختار: أنه غير مراد في الآية. انتهى [المرآة على المشكاة]، (3\ 117، 118).
وقال أبو الفرج ابن قدامة: ولأن الزكاة إنما تصرف لأحد رجلين: محتاج إليها؛ كالفقراء والمساكين وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم، أو من يحتاج إليه المسلمون؛ كالعامل والغازي والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين، والحج للفقير لا نفع للمسلمين فيه ولا حاجة بهم إليه، ولا حاجة به أيضا؛ لأن الفقير لا فرض عليه فيسقطه، ولا مصلحة له في إيجابه عليه، وتكليفه مشقة قد رفعه الله منها، وخفف عنه إيجابها، وتوفير هذا القدر على ذوي الحاجة من سائر الأصناف أو صرفه في مصالح المسلمين أولى. اهـ[الشرح الكبير]، (2\ 701) (الطبعة المشتركة مع المغني). .
الرابط: http://www.alifta.com/Search/ResultD...stKeyWordFound
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[13 - 11 - 07, 04:59 ص]ـ
مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز > تصفح برقم المجلد > المجلد السادس عشر > كتاب الحج القسم الأول > التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة > كتاب المناسك > الحكمة في تشريع الحج وأحكامه وفوائده
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 157)
كتاب المناسك
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 158)
(الجزء رقم: 16، الصفحة رقم: 159)
الحكمة في تشريع الحج وأحكامه وفوائده محاضرة لسماحة الشيخ بنادي مكة الثقافي الأدبي في حج عام 1412هـ ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخليله وصفوته من عباده نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
¥