يقول الإمام أحمد الموعد يوم الجنائز، وعندما شيعنا هذا الإمام رأينا عشرات الآلاف من محبيه ومن طلابه ومن العلماء ومن الأمراء ومن الوزراء ومن السفراء، الأعين محمرة، والدموع تتقاطر والحزن مخيم على الجميع.
اللهم منّ علينا بالعلماء الناصحين، والفقهاء الصادقين، اللهم احفظ الأحياء، اللهم ارحم الأموات، اللهم ارحم الشيخ عبدالله الجبرين.
الخرج ص ب 622
http://www.al-jazirah.com/125621/fe14.htm
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[20 - 07 - 09, 03:14 م]ـ
ابن جبرين ... ليت شعري وهل درى حاملوه ما على النعش من عفاف وجود
عبدالرحمن بن ثليّب الخييلي
مارأيتُني مستقبلاً خبراً أفزعُ معه إلى تكذيبه فزعي إلى ذلك يوم الاثنين المنصرم حينما صدع الناعي بنبأ وفاة الشيخ الحبر عبدالله ابن جبرين، في نهارٍ مظلمٍ عزفت ألحانه ألوع موجعاتِ هذا الزمان بفقد أهل النور في ليل المدلهمات البهيم.
يذهب ابن جبرين فتنفطرُ لوعةً لفقده القلوب وتنبجس حزناً عليه العيون، وما زالت أدمعي مستهلات مذ ذاك المساء قائماً وقاعداً، مصطليًا بحرِّ أنفاسي مما أجده لفقده فقدَ الوالد الرؤوم، فبروحي روحه الطاهرة التي ما فتئت تحلق نقيةً تظلل من كان حوله من طلابه طيلة كل تلك السنين.
كان الشيخ علمًا للتفاني والنصح لهذه الأمة، في حياة علمية مديدة ملؤها العطاء والجود. وقد كان - رحمه الله - في رحلة يومية مستمرة طوافًا بين مجالس التعليم ومصالح المسلمين من شروق الشمس إلى انتصاف الليل، في كفاح تكل دونه الأبدان وتنهض له همة مثله ممن باع نفسه لله.
كان الشيخ وسيبقى علمًا للإخلاص وهضم النفس في نموذج فريد لا تذكر له مثالاً حين تسمعه وهو يتحدث مثنيًا ومشيدًا بإسهاب وإطناب على غيره من أهل العلم ممن هم في منزلة تلاميذه. أما حين تراه وهو يتنازع مع أحد مستقبليه من الدعاة ممن هم أصغر منه بسنين أيهم يقبل رأس الآخر فإنك تحار في إدراك كنه هذا التجرد المتناهي الذي لا يكاد يبلغه أحد.
كان الشيخ مدرسة في الفقه الراسخ، وكأنما أشربت روحُه روحَ الشريعة في فتاويه وتيسيره
كان الشيخ وكان وكان، والآن ... الآن يذهبُ وتختفي بسمته التي يحار من رآها في سرها ووصف ما فيها من طهر الفؤاد. الآن يذهب الشيخ في صمت، في دنيا ملأها ضجيجًا عُبَّادُها الملوثون.
كلهم يمشي رويد كلهم يطلب صيد
إلا ابن جبرين ... وربما غيره، ممن قد يشبهه، ممن لم يرهم أو يسمع بهم أحد.
أواه أيها الشيخ ... وأواه من هذه الدنياحين يغيب عنها صوتك ورسيمك.
http://www.al-jazirah.com/125621/fe15.htm
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[20 - 07 - 09, 03:20 م]ـ
طوى الموتُ بحراً
جبران بن سلمان بن جابر سحاري
بعد نبأ وفاة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين- رحمه الله- في الساعة الثانية بعد ظهر يوم الاثنين 20 - 7 - 1430هـ كتبت هذه المرثية أبعثها عزاء للأمة الإسلامية في مصابها الجلل.
لك الحمدُ يا رباه حكمُك صائرُ
طوى الموتُ بحراً علمُهُ لا يغادرُ
وقالوا: (ابنُ جبرين) قضى نحبه، نعم
تولى ودمعُ العين في الجفن حائرُ
تولى، وموتُ الشيخ عمرٌ مخلدٌ
فذِكرُ الإمام الفذ في الأرض سائرُ
ألم تر أن النقصَ في الأرض حاصلٌ
بأطرافها، فاضت عليها المحاجرُ؟
يموتُ وآلافُ (الفتاوى) ترعرعت
بتسطيره؟ لا، بل له الموتُ ناصرُ
وماتت (شفاعاتُ) الرجال، ووُسِّدتْ
مع الشيخ أقلامُ الهدى والمحابرُ
وهذا (الرياضُ) اليوم يصرخُ باكياً
يقول: على جنبي عالتْ خسائرُ
تفرق عني الناسُ بعد فقيدهم
وكانوا لديه أمة لا تهاجرُ
(دروسُ) الإمام اليوم ثكلى حزينة
مروّعة قد غيبتْها المقادرُ
تفجعت (الأحياءُ) ثم توجعتْ
وضاق بها الأحياءُ فالمكثُ نادرُ
تساقطت الأغصانُ بعد رحيله
دعاء له: يا رب إنك غافرُ
وتنتحبُ الجدرانُ حتى تململتْ
ولم تستطعْ مسحاً لدمع يُحاصرُ
هنا ناطحاتُ السُّحْب تبكي أنينها
يكاد بها للميل وهي تصابرُ
(مساجدُنا) قد أقفرت من دروسه
لقد فقدتْ من كان فيها يُحاضرُ
وهذي (متونُ العلم) بعد فراقه
تئن: فبعد الشيخ من لي ناظر؟
تمزق شملُ (الزادِ) في الفقه لم يجدْ
مكمِّلهُ، والشيخُ للشرح ذاكرُ
مضى بعلوم الزاد، للشيخ شغلهُ
ورافقه في سيره زاد آخرُ
إمامُ على الآفاق جال بدعوةٍ
وعلمٍ بذلٍ لا يدانيه ماهرُ
وأعماله في كل قطر مبينة
و (تقريظهُ للكُتْبٍ) جهدٌ مثابرُ
(تصانيفه) في المكتبات ذخيرةٌ
إلى كل باب فيه خيرٌ يبادر
وما قال: (لا) في دعوة نفعها انجلى
كذلك يعلو الشيخُ، هذي المفاخرُ
وإن قيل: في أقصى (الجزيرة) أرضُنا
أجاب: نعم في الحال سوف نسافرُ
وكان لأهل الرفض حرباً فكُبكبوا
ببطلانهم، فالشيخُ قد قال: حاذروا
وكم عاش في تعليم سنة أحمدٍ
مع الذبِّ عنها، إن ذا الليث خادرُ
على شيخنا الجبرين رحمة ربنا
به خُتِمَ الأعلامُ، فالرزءُ جائرُ
مؤسس مدرسة الميزان للنقد الأدبي
http://www.al-jazirah.com/125621/fe16.htm
¥