تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كنت أقرأ المجلد السادس للشيخ الألباني رحمه الله في المكتبة

فمررت يوما بتقريره لمسألة الركعتين بعد صلاة العصر

وذكر حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر في بيته

وحديث عائشة رضي الله عنها تقول فيه:

والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله وما لقي الله تعالى حتى ثقل عن الصلاة

وكان يصلي كثيرا من صلاته قاعدا تعني الركعتين بعد العصر

وكان النبي صلى الله عليه و سلم يصليهما

ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته وكان يحب ما يخفف عنهم

وتقول: ابن أختي ما ترك النبي صلى الله عليه و سلم السجدتين بعد العصر عندي قط

وتقول: ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعهما سرا ولا علانية ركعتان قبل الصبح وركعتان بعد العصر

وتقول: ما كان النبي صلى الله عليه و سلم يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين

وذكر رواية من مسند السراج "أن عمر رضي الله عنه كان يضرب على هذه الصلاة

فسئلت عائشة رضي الله عنها عن ضرب عمر رضي الله عنه

فقالت: إنه كان يصليهما فلما رأى الناس يطيل (أو يصلي) الصلاة حتى في أوقات اصفرار الشمس وغروبها صار ينهى عن هذه الصلاة"

ثم رأيت الشيخ يجمع بين أحاديث النهي وأحاديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

بإعمال القواعد الفقهية مثل "الخاص مقدم على العلم"

و"العام المقيد مقدم على العام المطلق" أو نحو ذلك من القواعد

فلما رأيت الشيخ ينص بسنية هذه الصلاة

وطريقة جمعه بين الأحاديث عزمت على أن أصليها

ولكني اتهمت فهمي ولعلي لم أفهم كلام الشيخ جيدا وعلى الوجه الصحيح

كيف ولم أر أحدا من العلماء بسرنديب يصليها

وكان في المكتبة الشيخ الأستاذ دحلان خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية حفظه الله

ولي معه مواقف رائعة سأذكرها في مكانها

فأعطيت الكتاب للشيخ وأريت له الصفحات التي قرأتها

فقرأ وأيد وقال"نعم ... ما فهمته صحيح "

وكأنه عرف رأي الشيخ حينها فلم يزد على ما قال وسكت

حان وقت العصر دخلت مسجد المعهد

فصليت العصر جماعة وسبحت وحمدلت وكبرت ثم قمت للتسنن فصليت

فذعرت الجماعة والأساتذة واستنكروا قيامي

ثم بدأوا ينصرفون من المسجد وأتممت وتوقعت أمورا

ولكن لم يدعني أي أستاذ وما سمعت أي سوء

فحمدت الله فعزمت على الاستمرار

أصبحنا ودخلنا الفصل وقرأنا ودرسنا ورن للفسحة

وحينها دعيت إلى مكتب الأساتذة فقلت في نفسي "لا شك أن الأمر هو"

دخلت المكتب سلمت على الأساتذة

فردوا علي السلام

فقال أستاذ "لماذا صليت بعد العصر

أما تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الصلاة في هذا الوقت

فقلت "بلى .. أعلم بالنهي ولكن رأيت حديثا

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر"

فقال "ولعل في النهي استثناء له لأن للنبي صلى الله عليه وسلم نوافل كثيرة"

فقلت "كان عمر رضي الله عنه يصليهما "

فسكت الأستاذ حفظه الله ثم قال "ما هو الكتاب؟ " قلت "فتح الباري"

فقال "لا , أسألك عمن أخرج هذا الحديث "قلت البخاري ولكني قرأته في فتح الباري"

-لأني لم أستطع أن أتصفح صحيح البخاري لرداءة طبعته التي في المكتبة فلذا بحثت عنه في فتح الباري-

فقال أستاذ " أين قرأت هذا المبحث؟ "

قلت "من سلسلة الأحاديث الصحيحة"

فقال "هل أنت متأكد من صحة فهمك له"

قلت "نعم"

ورأيت صوت بعض الأساتذة يشتد وحدثت أشياء أحزنتني

فخفت وسكت فقال أستاذ:

"زادك الله حرصا ولا تعد" فسلمت عليهم وخرجت

أحبتي في الله ... ليتكم رأيتموني حين سعرتني مأقتي

رجعت إلى الفصل كدت أن أبكي ولكني في الفصل

فلما انتهت الدروس

سعيت إلى سريري بكيت ... و الدموع وقعت في مراتع ذكرياتي

كأن سنجابي يدعوني

بل كل ذكريات جاءتني

لتشرح لأساتذتي عن حناني

كأن الدمعات التي صببتها في تلك البحور تناديني

كأني أرى في تغامضي

أجنحة لعصافير قد تكسرت

وهراكلة للبحور قد سكرت

ومياه في عيني قد غدقت

وقطرات آماقي في الخدود قد سجنت

أحزانا عايشتها في أيام قد مضت

درست وقرأت وفهمت وعلمت

فهل أخطأت!!!

إن كانت صلاتي تلك بـ"اتباعي"

فإنما اتبعت حديثا صحيحا أخرجه البخاري

وإن أتيت بخطأ فقد أخطأت من هي خير مني

وإن كانت صلاتي تلك بـ"تقليدي"

فقد قلدت نحريرا وعالم العصر في الحديث

فلم قيل لي "زادك الله حرصا ولا تعد"

والله سأعود إلا أن يتبين لي أنه خطأ في فهمي

فبحثت عن أحاديث الركعتين بعد العصر

في كل مصادر الحديث التي كانت في المكتبة

وإني حين أورد الأحاديث لا أوردها إثباتا لرأي فقهي أو إنكارا له

ولا لمناقشة للأدلة وإنما أذكرها في قصتي هذه إخبارا لما جرى وحدث

وتسجيلا لمواقف أثرت في قلبي وحفظا من رمسات لرياح الأنفاس

وحين كنت في عطلة السنة الثالثة

ذهبت إلى بيت الشيخ مبارك-حفظه الله- مدير المدرسة الغفورية

والمشرف على دعاة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف

والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية بسريلنكا

فوجدت كتاب "بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث"

أظن أني قرأت أنه لم يصل إلينا من مسند الحارث إلا هذه الزوائد فقط

فرأيت فيه حديث "صلاة تميم الداري بعد العصر فرآه عمر فضربه بالدرة فيسأله تميم رضي الله عنه لم تضربني على صلاة صليتها مع رسول الله

فيقول له عمر "ليس كل الناس يعلم ما تعلم"

ففرحت بهذا الكنز

فجمعت أحاديث وآثارا وكتبت بحثا فيه

وأعطيته الأستاذ خليل الرحمن حفظه الله

وسألته يوما عن حاله فلم يجبني فصدق قائل من قال

"زراعة الصغار لا تصل إلى الدار" (من أمثال التاملية)

وإني لأبكي على تلك الأحاديث والآثار

لأني نسيت أكثرها وقد أعطيته الأصل ولم أنسخه

ولا بد من أخطاء كثيرة لأني كتبته في الصف الثالث

فالحمد لله على كل حال

(سأعود إن شاء الله)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير