وعرضتها على الأستاذ دحلان حفظه الله
فصحح تلك المقالة حتى ظننت ليتني لم أترجم.
لأن في كل سطر كان أكثر من ثلاثة أخطاء
ولكن الأستاذ حثني على المواصلة جزاه الله خيرا
وكنت أكتب الألفاظ العربية التي لا أعرف معانيها من كتب أقرؤها
ثم آتيه وأسأله فكان يجيبني في أي مكان كان
ولو كان في طريقه إلى المطعم و لا يعبس جزاه الله خيرا
قلت إني كرهت دروسا ..
نعم صرت أكره تلك الدروس
لأنها كانت تأكل وقتي الذي أحب أن أقضيه في المكتبة
ولكن النظام كان يوجب تلك الدروس على كل تلميذ
فأقول في نفسي
كيف أتعلم تلك الدروس الداروينية القردية التي في العلوم
كيف أدرس تلك الخرافات النيانددالية الكهفية العريانية
هل أقول إن الإنسان خلق قردا ثم تطور رجلا
بل أقول إن داروين خلق إنسانا وأحب أن يكون قردا
بل أعرف أن هناك خلافا هل قال داروين بهذه النظرية أم اليهود ابتكرها
وهل أتعلم تلك الملاحم الأدبية التاملية التي تصف إبراهيم عليه السلام إلها
فتعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا
وهل أقرأ ملحمة "الشاعر عمر" يصف فيه زوجة النبي خديجة وبنته فاطمة
بألفاظه العشقية الجنونية رضي الله عنها
فهل أقرأ تلك الدروس التاريخية المأخوذة من "مَهاوَمْسَمْ"
المكذوبة التي تخدم البوذية الكافرة
فهل أنظر إلى تلك الصور صور بنات الملك "كاشِيَبّنْ" العارية
باسم الأدب واسم درس الرسوم
لا لا لا لا وألف لا ...
نعم قرأتها لماذ؟
قرأتها للتفنيد والتنقيد لا للتحصيل على الشهادات أو لكسب المال
بل إن ربي الذي يرزق أفراخ البيض
التي في قشورها عشرين يوما حتى انقيابها
قادر على أن يرزقني من حيث لا أحتسب
"فكتبت رسالة إلى أبي أبين فيها موقفي من هذه العلوم
وعزمي على تركها وإقبالي على العلوم الشرعية كليا
وقلت إني مستعد أن ألقى أي بلاء على عزمي هذا
حتى ولو أخرجت من المعهد لن أحجم عما اعتزمته"
وأبي –يحفظه الله- قبل مني بل حثني على السير على دربي
وكأني أراه حين وضع قلمه على ورقة في ليلة
وبدأ تلك الرسالة في داره من الخوص وليس بها كهرباء
وكتب وهو يدافع عن فتيلة سراجه من فراش تقصدها
ولكن قلبه كان يبرق من تلك الرعدات الإيمانية
كم سهل لي أمورا ولم يكن عائقة في طريقي
و كان ناصحا أمينا بل كان مربيا حكيما حفظه الله
كنت في الفصل الثالث
وكان فيه حصة للشيخ أبي بكر صديق حفظه الله
وهي مادة التفسير وكان المقرر "زبدة التفسير"
ويوما تكلم معنا في أمور أحزنته من الطلاب
وقال كل واحد يقصد معهدنا للحصول على الشهادات في العلوم الدنيوية
فقال من منا؟ من منا وهو مستعد لترك تلك العلوم ويقبل على دروس الشرع كليا
فقال من منا؟
وهو يرفع صوته ويطقطق بأصابعه
وفجأة قمت فقلت "أنا"
وما انتظر هذا الجواب من أحد فلما قلته دهش
فسكت هنيهة ثم قال "تعال إلى المكتب"
بعد انتهاء الدرس ذهبت إلى المكتب مسرعا
وأنا أحمل شوق الموافقة منه على أمري
ولكن .......
حين رآني وسلمت عليه قال:
"إن نظام المعهد لا يسمح لهذا"
ثم أعرض عني فقمت يسيرا فخرجت من عنده منكسرا
وأنا أقول في نفسي "إذا كان النظام لا يسمح لهذا
فلم سأل "من يستطيع منكم أن يترك تلك الشهادات؟ "
حزنت شديدا وكدت أن أبكي ولعلي بكيت
ولكني أعرف أن المدير لا يعرف عن تلك المخالفات
التي تصادم الشريعة من تلك المواد و تحاربها
فجمعت كل مخالفات ونسخت تلك الصفحات وكتبت رسالة
ووضعت كلها في ملف فذهبت إلى مكتبه الذي في الطابق الرابع
فلما رأيته سلمت عليه فرد علي السلام فقال "ادخل"
وقال "ما الذي جاء بك؟ " فأعطيت ملفي فشرحت له الأمر
فقال "سأقرأ إن شاء الله" فسلمت عليه ورجعت من عنده
وانتشر خبر الملف بين الأساتذة
وسألني عنه الأستاذ خليل الرحمن سؤال منكر فسكت ولم أجب عنه
فكانت لموقفي هذا أحداث أحزنتني
ويوما كنت أقرأ في المكتبة بعض الكتب الحديثية
فجاء أستاذ فرآني في المكتبة فقال ألم تحضر الفصل؟
قلت "هذا وقت حصة الحساب"
فنطب على أذني بشدة وأخرجني
وقال "إن رأيتك مرة ثانية في المكتبة في مثل هذا الوقت فيكون العقاب شديدا
وذاك الأستاذ كرهته وأكرهه إلى يومي هذا في الله-إن شاء الله-
لأنه حين أعلنت أمريكا الظالمة الحرب ضد أفغانستان المظلومة المسلمة
بدأ يسب المملكة العربية السعودية
أمام الطلاب في الفصل حتى أسمعني في علماء السعودية مقولة قبيحة
¥