تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد محمود أمين]ــــــــ[12 - 08 - 09, 05:41 م]ـ

بارك الله لك فى وقتك وجهدك ونفع بك

ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[13 - 08 - 09, 12:26 م]ـ

أخي محمد محمود أمين جزاك الله خيرا

سافرت من المعهد

وصلت إلى قريتي

مشيت نحو داري كأني أسير على موعث

فلما وقفت أمام بوابة الدار سمعت أصواتا للأطفال

فعلمت أن أبي لم يزل معلما للقرآن

نعم إنها أصوات الصغار الذين يتعلمون القرآن

كانوا أكثر من مائة

بعضهم داخل الدار وبعضهم خارجها

سلمت عليهم فلما سمع أهلي صوت أخيهم رأيت أسارير وجوههم تبرق

فلما رأيت أبي كدت أن أسقط على الأرض

صار نحيلا كأنه ضني

قلت "أبي! أراك نحيل الجسم هل أصابك مرض"

فابتسم أبي يكتم أحزانه فقال "نعم يا بني "

فقالت أمي"أصابه مرض السكري"

قلت "كيف عرفتم؟ " فقالت:-

"كان يشتكي من ألم في بطنه وكان يظنه مجرد ألم

وحينما زار طبيبا ليعرف ما هو الأمر انكشف مرضه. أجري له فحص طبي

كشف الطب أن الألم الذي يشتكي منه هو ألم زائدة دودية في وركه

وأنه في ازدياد من التورم وتنفجر عما قريب لأنه مصاب بمرض السكري

فلا بد من إجراء عملية جراحية للعلاج"

وقالت أمي"مكث أبوك في المستشفى شهرا

ولم نخبرك لألا نزعج دارستك "

كدت أن أدمع باهتمامهم بمشاعري ودعوت لهم من قلبي

ثم تحدثوا معي عما يكويهم من الآلام والأكباد

نعم يا أخي رأيت معاناتهم تلك الأيام رأي العين

وشعرت بألم آلامهم

ويوما كنا نائمين

كان أبي وأمي وأخواي نائمين في المنظرة

وكنت نائما قريبا منهم

وأختي في السرير الذي في المطبخ

وإخوتي الآخرون كانوا نائمين على فراشهم في المطبخ

وكان الليل في حلكته قد نشر سواده

لتحيى دواب وأمم لا تستطيع الظهور في النهار مخافة عبث الناس بها

ولكن نباح الكلاب كانت تدل على سلامة السكون الذي عم القرية

وكنت أسمع هماهم رعود من مخايل السماء اختلطت بتلك النباح

بعد هنيهة استيقظت من هضب السماء

فرأيت كل أهلي قد استيقظوا

فحينها عرفت أن المكوث في داخل الدرا كالمكوث في خارجها

فإن سقف الخوص لم تستطع أن تقاوم ذلك الهطل إلا في مواضيع قليلة

فقام أبي وجلس في الكرسي فأغمض عينيه للنوم

وذهبت أمي إلى سرير أختي

أما أنا وإخوتي فالتجأنا إلى ناحية من الدار

أما إخوتي فناموا متلاوين كأنهم لم يروا شيئا جديدا

أما أنا فبكيت من تلك الحال التي أبكت البعوض فقفلت راجعة

وحين أرى إخوتي يتلوون من أصوات الحشكات

ومن قطرات تقترب منهم من مياه جعلت دارنا كالحشاد

وحين أرى وأمي في مثل تلك الليالي يخرجان الماء بالمكنسة والألبسة البالية

دعوت الله بـ"رب زدني علما رب زدني علما رب زدني علما"

نعم يا أخي هذا هو دعائي كنت أكثر منه في مثل ذاك البلاء

ثم أردفه بدعاء الفرج من هذا الهم

كنا لا نجد طعام الفطور وأكلة الظهيرة في كثير من الأحايين

فكان أخواي عبد الرحمن ومسعود يبكيان من الجوع

فكنا نأخذهما إلى الملعب الذي كان قريبا منا فأريهم ما يلهيهم عن طعامهم

وأحيانا كان إخوتنا يزجرون جوعهم بثمار الجوافة

وكنا ننتظر قدوم الصغار الذين يتعلمون القرآن عند أبي

وكانوا يدفعون شهريا خمسون روبية

وبعد الحصول على هذا المال نشتري الأرز والخضروات فيطبخ الطعام

فنأكله بعيد العصر

وفي بعض الأحيان يسألوننا هؤلاء الصغار إذا رأونا نأكل الطعام في مثل هذا الوقت

فكان أهلي يدندن بكلمات تقنعهم

وأما رمضان فالأمر أشد مما كتبته هنا إلا في العشر الأواخر منها

وفيها نكون أغنياء لما تقصدنا من صدقات الفطر

نعم يا أخي تلك الصدقات والأضاحي من أهم ما ينتظره الفقراء في تلك الشهور

وإن كنا نستحيي حين نقبلها وتبكينا ذكريات أيام كنا متصدقين فيها على الفقراء

و نحزن على بيتنا القديم وتلك الحياة التي أمضيناها في سرور في تلك الجنة

وعلى غدوات أبي وروحاته التي أنفقها في سيارة هيئة الإغاثة الإسلامية

لتوزيع الصدقات والأضاحي والتمور

ولكن هذا ما قدر الله وما شاء فعل

والحمد لله على كل حال

ويوما قال أبي أنه ذهب إلى مركز الشيخ يحيى سلمي

فسأل الشيخ عني وعن دراستي ثم إن أبي أخبره

عن امتناعي عن الدروس التجارية فقال أبي "إن الشيخ يحيى قال له:-

"ايت بمجاهد إلي ويكون تحت رعايتي وليستفد من مكتبتي ليلا ونهارا

وليعمل في مكتبتي وأدفع له سبعة آلاف وخمسمائة روبية شهريا وإن شئت سأكتب لك هذا. فقلت " لا والله شهيد بيني وبينكم وكفى به شهيدا"

ثم قال لي أبي "فما رأيك يا بني؟ "

وحينما وافق أبي على ظن لم أبده له من قبله فرحت فرحا شديدا

وما كنت أظن أن أبي سيوافقني على تركي للمعهد

فلما قال لي هذا أجبته فورا بـ"نعم أنا موافق"

فذهبت إلى بيت الشيخ يحيى سلمي وكان بيته قريبا من دارنا

فلما رآني رحب بي و أخبرته عن موافقتي ففرح وحياني

وقال "أذهب غدا (أو قال يوما غيره) إلى مركزي في "كَلَمْبُوْ"

تعال إلينا نسافر جميعا في سيارتنا"

فقلت "جزاك الله خيرا"

ورجعت إلى بيتي فجعلت أستعد للسفر وقلت لأهلي وأنا في قمة الفرح

"لا أرجع إليكم إلا بعد إكمال دراستي إن شاء الله"

فقبلوا مني قبولا حسنا

وبدأ الرحيل رحلة الحزن والدموع

ولعلكم تسألونني

من هذا الأخ؟ أو الشيخ؟ أو المدعو؟

(سأعود إليكم بعد عصر اليوم إن شاء الله)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير