فلما استيقظت كانت الساعة الثانية عشرة أو الثالثة عشرة
فاتتني صلاة الظهر فمسحت النوم عن وجهي
أسرعت إلى داري
فأخبرني أبي إن يحى قد جاء مرة أخرى وطلب "الشيك"
فقلت له "إن مجاهدا لم يسرق "الشيك"
وإنما أخذ الكتب ثأرا مما فعلت له ثم إنه محب للقراءة
وإن فقرنا لا يجمع له ما يشتاق إليه.أسأل الله أن يغفر له"
فقال يحيى لأبي "يا رزين اتق يوم القيامة"
فقال أبي "نعم وأنت أيضا"فخرج غضبان
ثم إني أخبرت أنه كان في جيبه مسجل صغير
فسجل ما دار بينه وبين أبي من كلام وملام
وإلى اليوم لم يترك يحيى في محاضراته ومناقشاته لمزه وغمزه بي
بأني سرقت كتبه وبعد أن قال لأبي أنه قد عفا عني ما فعلت له
ولا أبرئ نفسي في أي مكان حين اُتهم به فأقول قد فعلته
وما أخذت كتبه للشراء والبيع وإنما أخذتها للقراءة
فأسأل الله أن يغفر لي
وأما "الشيك" فأنا بريء من هذه التهمة براءة الذئب من دم يوسف
فتلك الأيام التي مضت عنا لم نستطع نسيانها بساعاتها ودقائقها ولحظاتها
فاشتد حزن أبي علي لما رآني أموت بالشوق إلى الكتب
فأخذ القلم وكتب رسالة إلى أخيه "أمير" الذي يعمل في الكويت
لم يسأله فيها مالا ولا طعاما ولا شرابا ولا لباسا ولا كهرباء
وإنما سأل فيها كتبا للقراءة التي أعطيت قائمتها قائمتها لأبي"
فقبل أخوه من أبي هذه الرسالة قبولا حسنا
فاشترى كل كتاب سميته في الرسالة
ومن تلك الكتب:
1 - سلسلة الأحاديث الصحيحة (1 - 6)
2 - سلسلة الأحاديث الضعيفة (1 - 7)
3 - صحيح سنن الترمذي وضعيفها
4 - صحيح سنن أبي داود وضعيفها
5 - صحيح سنن النسائي وضعيفها
6 - صحيح سنن ابن ماجه وضعيفها
7 - تمام المنة في التعليق على فقه السنة
8 - آداب النكاح لقاضي قطر
9 - مختصر صحيح البخاري
10 - فقه السنة لسيد سابق
11 - صحيح الأدب المفرد وضعيفه
فحين وصلتني تلك الكتب في علبة كرتون
وحمتلتها بيدي فرحت فرحا كدت أن أنادي كل مخلوقات الله
فحمدت الله وشكرت له في الصلاة والسجود
وبشغفي بهذه الكتب انتهيت من دراسة أكثر صفحاتها
قبل انفصالي عن المعهد
فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ثم إني شكرت الله أن كان كل هذه الأحداث في عطلة المعهد
وإلا كنت فقدت معهدي وطلبت مدرسي بيدي
وكنت كقطرة من دموع سالت لآلام لا أقلام لها للأيدي
انتهت العطلة فذهبت إلى المعهد
كأن لم يقع شيء جديد
وبدأ الخوف من جديد والهول من جديد
لأن الصف الرابع هو الصف الذي فيه امتحان المتوسطة
لعلوم المدارس الحكومية أو الدنيوية أو التجارية
ماذا أقول للإدارة وكيف أشرح لهم
وماذا سأفعل لو أجبروني وعزلوني لعزمي على ترك تلك العلوم
أسئلة لم أجد عنها أجوبة ولكني عزمت على ما رأيته صوابا
دخلت المعهد مضت أيام وشهور
قرب وقت الامتحان وزادت الضغوط علي
ودعاني يوما الأستاذ خليل الرحمن حفظه الله
وكان جالسا في فناء المعهد الواسع وحيدا
فذهبت إليه وسلمت عليه وجلست أمامه
(سأعود ليلة اليوم إن شاء الله)
ـ[أبو عبد الله الأثري الجزائري]ــــــــ[16 - 08 - 09, 10:26 م]ـ
في الانتظار أخي الكريم
ـ[مجاهد بن رزين]ــــــــ[17 - 08 - 09, 10:05 ص]ـ
أخي الجزائري جزاك الله خيرا لمروركم ومتابعتكم
وكان الوقت مساء و الشمس في وشك الغروب
وفي هذا الوقت يروح الطلاب إلى مسجد المعهد ليقرؤوا القرآن
وكان الأستاذ خليل الرحمن حفظه الله يجلسني في مجلسه في الفناء كثيرا
وكنت أحب إجلاسه و أعده شرفا
أما ذاك اليوم بدأ في نفسي قلق يدور وخوف يدب
فسألني عن موقفي من امتحان المتوسطة
فابتسمت ولم أجب عن سؤاله
فأعاد فقلت "هل إذا اعتزلته كنت مخالفا للنظام؟ "
فقال "نعم أنت مخالف للنظام إذا اخترت ذلك"
فقلت "إني إذا صرفت همتي إلى تلك الدروس
فإني لا أستطيع أن أشتغل في علم الحديث ولا أجد الوقت له"
فقال "بقي لامتحان المتوسطة أقل من شهر فاشتغل فيه بعد الامتحان"
فسكت ثم دار بيننا كلام كثير
أغضبت فيها الأستاذ خليل الرحمن في مواضع وأبردت في مواضع
فأذن لصلاة المغرب فقال "أخبرني عن موقفك بعد صلاة المغرب"
صليت المغرب فبدأ الطلاب يخرجون
فكلمني الأستاذ فقلت "لا أستطيع أن أشتغل في تلك العلوم التجارية"
فغضب وسبني وخرج فحزنت شديدا وتألمت كثيرا
فلم يكلمني الأستاذ بعد ذلك اليوم حتى بداية الصف الخامس
جاء شهر الاختبار وذاك الشهر عطلة الامتحان النهائي للصف الرابع
¥