تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بن كثير قال: قدم رجل من المدينة إلى دمشق الى أبي الدرداء رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ابي الدرداء ما أقدمك يا أخي قال حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما قدمت لتجارة؟ قال لا قال أما قدمت لحاجة؟ قال لا قال ما قدمت إلا في طلب هذا الحديث؟ قال نعم فقال له إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وان فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر. هذا الحديث الجليل الذي يبعث الرغبة في صدور المؤمنين وفي قلوبهم ليطلبوا العلم طيلة الحياة ولا يتركوا ما يستعينون به في قضاء حوائجهم فهذا أمر ومطلب شرعي ولكن يجعلون طلب العلم الشرعي في المقدمة حتى يكون طالب العلم مع المنعم عليهم الذين جمع الله لهم بين العلم والعمل فتسمعون في هذا الحديث مدى التكريم الذي كرم به طالب العلم سواء بلغ من العلم مستواً واسعا أو كان مبتدئا المهم انه طالب علم وعازم على طلب العلم مادامت الحياة فالحياة قصيرة فالله تبارك وتعالى أحبه ورفع قدره وسخر ملائكته الكرام يمسحونهم بأجنحتهم ويجتمعون في مجتمعاتهم ويرتفعون الى الله تبارك وتعالى فيسأله عنهم كما ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما فالمهم أننا نعزم جميعا أن نواصل السير ونتابع الخطى في طلب العلم الشرعي لإغراض صحيحة وبنية سليمة لنرفع الجهل عن أنفسنا ولنعمل بعلمنا ولنعلمه من شاء الله أن يتعلم على أيدينا وان نصبر على ما نناله من تعب وكل تعب في التحصيل العلمي فهو يستعذبه المؤمن ويعتبره حسنات يرفع الله عز وجل بها قدره ودرجاته يوم القدوم عليه أضف إلى ذلك حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه الذي يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم في المثل الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للعلم الشرعي ليتنافس في تحصيله المتنافسون ويشمر إليه العقلاء المجتهدون روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فأصاب طائفة منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وأصاب طائفة أخرى أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، ثم قال عليه الصلاة والسلام: فذلك مثل من فقه في دين الله فنفعه الله بما بعثني به، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به". فظاهر الحديث ومنطوقة أن الناس جميعا حيال ما جاء به النبي ثلاث أقسام: القسم الأول قوم اهتموا بتحصيل العلم رواية ودراية وتفقها والتماسا للمعاني ونشرا للعلم بمؤلفاتهم وبما يستطيعون عليه فحفظت دواوينهم وقيدت مؤلفاتهم فانتفع الناس بهذه المؤلفات وتلك الشروح وأمثلته مضروبة في المكتبة الإسلامية في هذا الزمن وقبل هذا الزمن فما وصلتنا هذه الكتب التي لا نستطيع حصر أسماءها إلا بفضل الله ثم بجهود أولئك الذين قرأوا الوحيين الكتاب والسنة ثم استنبطوا منهما الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية والمواعظ والترغيب والترهيب إلى غير ذلك من الموضوعات التي لا تحصى وكتبهم خير شاهد لذلك. والطائفة الثانية على جانب من الخير عظيم ولكنها ليست كالطائفة الأولى حفظوا نصوصا وسلموها أهل القدرة على تفسير النصوص هم أهل الحفظ ولكنهم لم يستطيعوا الشروح والاستنباطات فحفظها عنهم أهل القدرة العلمية التي تزيد على هؤلاء بنشر ما في هذه النصوص من الأحكام والتشريعات على اختلاف أنواعها فصار لهم نصيب من الأجر عظيم ولكنه ليس كنصيب من حفظ النصوص وشرح النصوص وعلم ما فيها من المعاني ونشرها للأمة فكم يكسب من الأجر الذي لا يحصيه إلا علام الغيوب. والطائفة الثالثة التي شبهت بالسبخة التي إذا نزل عليها المطر وهو صالح تغيرت ثم هي لا تنبت كلأ لا لبهيمة الأنعام ولا لبنى ادم لرداءة عنصرها سبخا معروفا فهذا مثلا لمن اعرض وألهته دنياه وشغله حب المال والجاه والمناصب وحب الدنيا عموما واعرض عن العلم الشرعي الذي لا حياة للإنسان البشري إلا في ظله ولا حياة صحيحة بدونه في حال من الأحوال واختصار الكلام أنى أدعو نفسي وادعوكم وانتم من في سن الشباب والكهولة والقوة والحمد لله زادكم الله من فضله أن تجدوا وتجتهدوا حتى تصلوا إلى المراتب العلمية التي تتمكنون بها من دعوة الناس على اختلاف طبقاتهم الشباب والشيوخ والمسلمين الغافلين عن تحقيق إسلامهم كما يجب أن يكونوا عليه بل ودعاة الآخرين من أهل الكفر تنوون وتعزمون على هذا واسأل الله أن يكون في عوننا وعونكم جميعا وان يهدينا صراطه المستقيم صراط المنعم عليهم من الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا وصلى الله وسلم وبارك على آله محمد وعلى آله وصحبه.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير