تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا شك أن الدعوة إلى الله هي وظيفة الرُسل ووظيفة أتباعهم، ودليل ذلك قول الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي والدعوة إلى الله هي الدعوة إلى دينه الذي هو الإسلام إلى أصول هذا الدين وإلى ترسيخ العقيدة في القلوب وإلى الحرص على إرساء دعائم الإسلام في النفوس؛ حيث إن الكثير من الناس قد يجهلون تعاليم الإسلام وأُسسه وقواعده ولو كانوا يتسمون بالإسلام، وحيث إن هُناك شواغل تعوقهم عن تعلم الأحكام والتفقه في العقائد، وهناك دعاة إلى الكُفر وإلى البدع وإلى المعاصي يدعون باسم التحرر وباسم ترفيه النفوس وتسليتها، وباسم التوسع في الملذات والمُشتهيات، وكثيرًا ما ينجر هؤلاء الجهلة مع أولئك المُضللين حيث إن نفوسهم ضعيفة وإيمانهم مُتزعزع وتعتريهم الشكوك وتدفعهم الشهوات النفسية فينشغلون بها عن الواجبات فتفسد، أو تضعف عقائدهم، وينصرفون عن الخير، ويتركون الواجبات، ويتخلفون عن الصلوات، ويقعون في المُسكرات والمُحرمات، فمثل هؤلاء بحاجة إلى من يُنقذهم من هذه المهالك والبلايا التي وقعوا في شباكها، وادعوا أنهم قد حرروا أنفسهم، وأنهم توسعوا في مُستلذاتهم وهم يحسبون أنهم على خير، ويحتقرون كل من أنكر عليهم، أو خالفهم.

وحيث إن هذا الجنس موجودون في كثير من مُدن المملكة فنقول: إنهم بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم ويُنقذهم من هذه المهالك، ويدلهم على سبيل النجاة حتى لا يكونوا وبالًا على الأمة، ويندمون حين لا ينفع الندم، وتصير تلك العادات والمُعتقدات ديدنًا لهم تتملك على قلوبهم وعلى جوارحهم، فمتى حصل من يأخذ بأيديهم وينصحهم ويُحذرهم ويُنذرهم ويُخوفهم ويبين لهم الطريق السوي الذي متى سلكوه حصلت لهم السلامة والنجاة، ودخلوا في الدين الصحيح الذي يجدون منه الحياة الطيبة والسعادة في الدُنيا والآخرة، فنقول: إن الدعوة إلى الله واجبة على كل من كان عنده قُدرة، أو تمكن بحسب ما يستطيعه، فإن تمكن من السفر خارج مدينته نشر ما عنده من العلم، ودعا إلى الله تعالى بقدر ما عنده من المعلومات، ومن لم يستطع الخروج لظرف من الظروف فإنه معذور وبإمكانه أن يدعو في بلدته؛ فهناك مجالات كثيرة للدعوة إلى الله تعالى، ففي الأسواق لا بد أن يرى من هو حليق، أو مُدخن، أو مُسبل، أو من معه امرأة مُتكشفة، أو من يتابع النساء ويُعاكسهن، أو من يشتغل بحرفته في أوقات الصلوات، أو من يرفع صوت المذياع على الغناء والطرب، أو غير ذلك من المعاصي، وفي استطاعة طالب العلم أن ينصح كلًّا من هؤلاء، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.

وهكذا في إمكانه أن يُلقي كلمات يسيرة بعد الصلوات يحث فيها على المواظبة على صلاة الجماعة وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى تربية الأبناء التربية السليمة، وعلى المُسارعة إلى الخيرات والمسابقة إلى الجماعة، وفي إمكانه أن يتجول على المقاهي والمطاعم والفنادق والملاهي والاستراحات وما أشبهها التي تضم الكثير من العُصاة والمتهاونين بالطاعات والتي قد يوجد فيها اختلاط الرجال بالنساء ويوجد فيها تفَسخ وتبرج وغناء وخمر وزمر وفواحش وترك صلوات وسماع أغنيات وتعاطي مُخدرات ونحو ذلك من المُنكرات، وفي إمكانه أن يُلقي كلمة توجيهية لعلها أن تُؤثر في بعض السامعين، أو في جميعهم، وإذا قابلوه بالإنكار والرد عليه بيَّن لهم أنه قال ذلك ليخرج من عدة الكتمان، وليُبلغ ما عنده، وبذلك يكون قد أنذر، ومن أنذر فقد أعذر.

أما إذا كان يحتاج إلى رحلة وسفر:

فأولًا: من لم يأذن له أبواه، أو أحدهما ليس له أن يُسافر للدعوة إلا بإذنهما جميعًا فإن أقنعهما وبيَّن لهما المصلحة التي تترتب على سفره للدعوة داخل المملكة، أو خارجها، فحصلت منهما الموافقة فله ذلك، وعليه في هذه الحال أن يُراسلهما ويُكلمهما ليطمئنا على صحته، وعليه أن يتقبل إرشاداتهما، وأن يتقيَّد بما شرطاه، وألا يتسرع في ما لم يأذنا له فيه.

وثانيًا: إذا كان موظفًا فله أن يأخذ الإجازة العادية ليُسافر للدعوة خارج المملكة أو داخلها، كما أن له أن يتمتع بالإجازة الاضطرارية التي إذا لم يأخذها ذهبت عليه فيقضيها في الدعوة إلى الله خارج المملكة أو داخلها، أو داخل مدينته، وله أجرٌ على هذه النية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير