تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على عيسى، وهكذا التوراة التي بأيدي اليهود قد دخلها التحريف والزيادة والنقص وأُضيف إليها زيادات كبيرة وكتبوا كتبًا مُفتراة على موسى كالتلمود مع ما فيها من المُخالفات والاضطرابات.

وهكذا يفعل مع المُبتدعة فيُقرر لهم العقيدة السليمة، ويُبين لهم اختلاف ما هم عليه من العقائد ومخالفتها للأدلة الواضحة وللعقول الصريحة كما في كتب الرافضة المليئة بالأكاذيب التي تمُجها الأسماع وتنفر منها العقول، وكذا في كتب المعتزلة وما فيها من التحريفات والتأويلات البعيدة، وهكذا بقية المُبتدعة، وإذا كان في مُحيط إسلامي ولكن توجد فيه المعاصي والمُنكرات فإنه يحرص على أن يقنع كل واحد بصحة ما يدعوه إليه، وبمخالفته في تلك المعصية للدليل وللحق الواضح.

وهكذا أيضًا يبدأ بالأمر بالمواظبة على الصلوات في الجماعة؛ فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمُنكر، ويُحذر من المعاصي الظاهرة، وعليه أن يتجنب الغلظة والشدة في الإنكار كالتكذيب والتضليل والتكفير، فلا يقول أنتم كذبة وأنتم مُخبَّلون وأنتم كُفار وفُساق ومُبتدعة ونحو ذلك مما ينفرون معه عن الإصغاء إلى النصيحة وعدم التقبل لها، وكذلك أيضًا إذا كان هناك تنظيمات من الدولة فعليه أن يتمشى عليها، فيقتصر على ما رُخِّص له أن يتطرق إليه، ويترك ما نُهي عنه، ويُبين الحق مُجملًا، ويتجنب أيضًا ذكر الأشخاص ولو كانوا مشهورين بالمعاصي؛ مخافة أن تشمئز النفوس، ويردوا عليه ما يدعوهم إليه.

وأما سفر الدُعاة من سلف الأمة فإن هذا واقع كثيرًا، من ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرسل مُعاذًا إلى اليمن فقال له: فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله وقد اهتدى بدعوته خلق كثير في تلك المناطق، ثم بعث بعده عليًّا -رضي الله عنه- للدعوة إلى الله فبقي هناك إلى أن وفد في حجة الوداع، ومهمته الدعوة والتعليم، ثم بعث بعد ذلك، أو قبله عمَّار بن ياسر وأبا موسى الأشعري لما توسعت البلاد وكانوا بحاجة إلى من يُعلمهم ويدعوهم، وهكذا أيضًا كان الصحابة إذا أسلموا يبعثهم إلى قومهم دعاة إلى الله ومُعلمين لمن هداهم الله، فمنهم مالك بن الحويرث ومن معه لما قدموا في عشرين راكبًا، أو نحوها لما تعلموا قال لهم: ارجعوا إلى قومكم فعلموهم صلاة كذا في وقت كذا ... إلى آخره.

ثم بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- كان الخُلفاء يبعثون الدُعاة والمُعلمين؛ فقد أرسل عمر -رضي الله عنه- إلى العراق عددًا من الصحابة كعبد الله بن مسعود والمُغيرة بن شعبة وجرير بن عبد الله وأبي موسى وهكذا أيضًا أرسل آخرين إلى الشام، وكلهم وظيفتهم الدعوة إلى الله، ولما انتشر الإسلام صار كل من كان عنده علمٌ يُسافر إلى من يعلم أنهم بحاجة إلى العلم وإلى الدعوة فسافروا إلى مصر وإلى أفريقيا وإلى خُراسان وإلى الهند والسند وإلى البحرين وغيرها من البلاد، فنشروا الإسلام وبيَّنوا السُنة وعلَّموا الأمة ما هم بحاجة إليه، فقامت حجة الله على العباد. والله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير