تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدليل كذا وفهم آخر من الدليل شيئًا آخر مثل {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228]. هنا هل القرء هو الطهر أم هو الحيضة؟ هذه تدخل في مسائل الاجتهاد الذي لا تثريب على المجتهدين فيما اجتهدا فيه.

القسم الثاني: مسائل الخلاف

وهو وجود خلاف في بعض المسائل وكما ذكرت لكم كان نادرًا عند الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ والخلاف ما يكون اجتهد برأيه في مقابلة الدليل مثل ما كان ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ يفتي في مسألة الربا بأنه لا ربا إلا في النسيئة وأنّ التفاضل في الربويات ليس من الربا، وإنه ليس ثم أصناف ربوية، لكن النسيئة (التأجيل) أما التفاضل بين نوعين مختلفين مما هو معروف بربا الفضل فإن هذا لا يعده ربا، هذا اجتهاد في مقابلة النص.

كذلك إباحته مثلًا في زمن طويل كثير من عمره ـ رضي الله عنه ـ نكاح المتعة وظنه أنّ هذا ليس بمنسوخ ونحو ذلك، وغير هذا من المسائل التي جاء فيها دليل واضح، هذه تسمى مسائل خلاف وهذا يكون الخلاف فيها ضعيفًا ولا يجوز الاحتجاج بمثل هذا، لأن المجتهد من المجتهدين من الصحابة فمن بعدهم قد يجتهد ويغيب عنه النص يغيب عنه الدليل أو يكون له فهم ولكنه معارض بفهم الأكثرين، فهذه هي التي يسميها أهل العلم ويخصها شيخ الإسلام ابن تيمة بالذكر بأنها: (مسائل خلاف) ومسائل الخلاف غير مسائل الاجتهاد، قالوا وعليه فإن المقالة المشهورة (لا إنكار في مسائل الخلاف)، وتصحيحها: (لا إنكار في مسائل الاجتهاد) ونفى بمسائل الاجتهاد المسائل التي حصل فيها خلاف، وللخلاف حظٌ من النظر للخلاف حظ، من الأثر حظٌ من الدليل.

أما إذا كان القولان: أحدهما مع الدليل بظهور والآخر ليس كذلك فإنا نقول: ليس هذا من مسائل الاجتهاد، بل من مسائل الخلاف، والخلاف منهيٌ عنه، والعالم إذا خالف الدليل بوضوح فيقال هذا اجتهاده وله أجر، لكنه أخطأ في هذا الأمر، ولا يعوّل على اجتهاده في مقابلة النص، هذه الأقوال أيضًا كثرت في زمن التابعين وزمن التابعين كانت الحاجات تزيد في وقائع جديدة وكثرت الفتوى بناء على ما استجد من الواقع على نحو ما ذكرت من استدلالهم بالكتاب، استدلالهم بالسنة، استدلالهم باجماع الصحابة ونتجت هناك أقوال في مسائل في التابعين، ومن المتقرر أن المسألة إذا كانت بعينها في زمن الصحابة، فإن إحداث قول زائد على أقوال الصحابة يعد هذا من الخلاف الضعيف، يعني إذا اختلف الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في مسألة على قولين، فإن زيادة التابعي بقول ثالث، فإن هذا يعد ضعفًا يعني يعدّ من الخلاف الضعيف عند أكثر أهل العلم، ذلك لأنه يكون القول الثالث فهمٌ جديدٌ للأدلة فهم زائدٌ على فهم الصحابة للأدلة، وإذا كان كذلك كان مقتضى أن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ قد فاتهم فهم قد يكون صوابًا في الآية، وهذا ممتنع لأن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ الفهم الصحيح للآية عندهم ولم يدخر لسواهم من الفهم الصحيح ما حجب عنهم بل الخير فيهم، فهم أبرُّ الأمة قلوبًا وأعمقها علومًا وأقلها تكلفًا كما ذكر ذلك ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ يجتهد التابعي في مسألة نازلة جديدة اختلفت في حيثياتها عما كان في زمن الصحابة رضوان الله عليهم ظهرت هناك أيضًا مسائل جديدة حتى جاء في القرن الثالث للهجرة فدونت الكتب لما دونت الكتب كان تدوين الكتب على نوعين:

كتب الأثر وكتب للنظر وللرأي

أما الكتب للأثر فهي الكتب التي يصنفها أئمة الحديث والفتوى يجعلون بابًا للطهارة وبابًا للآنية وبابًا للجلود وباب خاص لجلود السباع مثلًا جلود ما يؤكل لحمه. . . إلخ. ويأتون بالآثار في هذا كما صنع ابن أبي عروبه وعبد الرزاق في مصنفه وابن أبي شيبة وغير هؤلاء كثير، وكما صنع أيضًا مالك في الموطأ وجماعات هذا نوع، وهو العلم الذي نقل فيه هؤلاء الأئمة أقوال من سبقهم في الأحكام، وهذا لما صُنف صار أئمة الأثر والحديث يدورون في المسائل حول أقوال المتقدمين من الصحابة والتابعين، ومن اشتهر بالفقه ممن بعدهم يدورون حول هذه الأقوال.

كتب الرأي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير