تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثالثاً: إثبات إمكانية الزعامة المفروضة هو أول أسباب تحقيق القناعة ?وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ? [البقرة: 742] وهما عنصرا الزعامة؛ فالناس يحتاجون إلى العلم الصحيح، ويحتاجون إلى صاحبه وتكون له الولاية عليهم. وكذلك يحتاج الناس إلى العمل، ويحتاجون إلى صاحب القدرة عليه.

ولا يؤثر في الأتباع ويضمن ولاءهم إلا العطاء العلمي والقدرة العملية. العطاء العلمي الذي يجده الأتباع في زعيمهم فيتحقق لهم الإيمان بأنهم على الحق في كل موقف وفي كل خطوة. والقدرة العملية في تحريكهم إلى العمل بمقتضى هذا الحق.

وبتحقيق الولاء للزعامة السياسية بخصائصها وقدراتها الذاتية والنفسية والسلوكية في شخص الزعيم .. ينقطع طمع كل واحد فيها؛ لتبدأ مرحلة تقييم هذه الزعامة التي فرضت عليهم.

?وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ? [البقرة: 742].

إن الإيمان بأن الملك بيد الله يؤتيه من يشاء؛ هو الأساس النفسي الذي تتحقق به المعالجة. وهذا الترتيب له تفسيره:

فالأمر الأول: هو فرض الزعامة الذي سينهي الطمع فيها؛ لتنتقل النفس بعد اليأس منها إلى تقييم من استحقها دون الآخرين.

الأمر الثاني: هو الإمكانات؛ فهي واقع ثابت في الزعيم المختار يصعب على الإنسان ادِّعاءه لنفسه؛ ليأتي الاختصاص الذي لا حيلة لأحد فيه وهو المشيئة الإلهية.

واعتبار الكفاءة في اختيار الزعامة يعني أن القدرة على تحقيق الهدف الإسلامي هو المعيار الأساسي للاختيار، وأن المقارنة بين أصحاب الفكر النظري وأصحاب القدرة على تحقيق الهدف الإسلامي الصحيح عملياً يجب أن تكون لصالح أصحاب هذه القدرة العملية.

?وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ? [البقرة: 842].

وكل ما سبق قد لا يكفي النفس للتسليم بالزعامة؛ فيدخل إلى النفس أن كل هذه الاختصاصات غير كافية إذا كان الأمر متعلقاً بمصير الأمة؛ فترغب النفس بعد ذلك إلى الاطمئنان إلى صواب الزعامة، وإمكانية تحقيق النصر بها؛ فتنتقل الآيات إلى متابعة المشكلة.

إن التابوت حقيقة محسوسة ملموسة للاطمئنان. والتابوت نفسه جعل الله فيه السكينة، وكان التابوت كافياً .. ولكن طالوت أتى بالتابوت ليكون الارتباط القدري الشخصي بين نبي الأمة ونصرها هو ما تعنيه البقية ?وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ? [البقرة: 842].

ويبين لنا رسول الله حقيقة هذا الارتباط باعتبار أن امتداد صلة الأمة بالنبي هو أساس الفتح فيقول: «يأتي على الناس زمان يغزون؛ فيقال: فيكم من صحب رسول الله؟ فيقولون: نعم! فيفتح عليهم، ثم يغزون؛ فيقال لهم: هل فيكم من صحب رسول الله؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم» رواه البخاري في صحيحه.

وفي رواية أبي داود: عن النبي قال: «يأتي على الناس زمان؛ فيغزو فئام من الناس؛ فيقال لهم: هل فيكم من رأى رسول الله؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس، فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب رسول الله؟ فيقولون: نعم! فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس؛ فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله؟ ويقولون: نعم! فيفتح لهم».

ولعلَّنا نلاحظ عبارة (هل فيكم من رأى رسول الله؟) التي تدل على أن رؤية رسول الله كانت أساساً للفتح، ومن هنا قدَّم البخاري من خلال أبواب كتاب: الجهاد؛ صورة وصفية لكل تصرفات الرسول http://www.al-oglaa.com/jscripts/tiny_mce/plugins/emotions/img/slm.gif وكأننا نراه؛ ليقترب المسلمون من رؤية الرسول ليتحقق في المسلمين أمر يعينهم على فتح الله لهم.

وإن كانت البقية التي تركها آل موسى وآل هارون هي التابوت فيه السكينة من الله؛ فإن ما تركه رسول الله هو كتاب الله وسنته «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله، وسنتي».

?فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ? [البقرة: 942].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير