تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إننا لا نعرف متى نقول وكيف نقول! متى نرد وكيف نرد! ولكننا نوقن حق اليقين ونعرف المعرفة التي ليس بها جهالة أن الرد فرض كفايةٍ إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، فإن كان الورع والخوف من الله قد أخذا منك كل مأخذ، وخفتَ أن تأثم بترك الجميع! فإنك تعلم أن الجميع لم يتركوا وأن العلماء الكبار ردُّوا وبيّنوا، فافرح يا رعاك الله فلقد سقط الإثم عنك ببيانهم وردهم!

فدع ما أنت فيه ـ أيها المتزبِّب وهو حِصرِم ـ من الخوض في هذا المسائل أياً كان توجّهك، جاميٌ كما ينعت الناعتون، أوصحويٌ كما يصف الواصفون، أو قطبيٌ أو سروري، ولا تشغل وقتكَ بالردود ومتابعتها، ولئن فعلتَ فإنك الخاسر الوحيد وما تمشي إلا خلف سرابٍ بِقِيعة ..

أنت تعرف وأنا أعرف أن لها حلاوةً وطلاوةً، وأن في الردود والجدال والنقاش متْعةً وأيُّ متعة! ولكني أشبِّه هذه المتعة بالنظر إلى ماء البحر وزَبَده، جميلٌ ورائع، ولكن إذا وضعتَه في فمك علمتَ حقيقته! وحقيقته فوات العمر بما ليس لك.

إنني أدعوك أخي الحبيب إلى الترك الفوري النهائي لهذه المعمعات التي لا تحسنها كما يحسنها العلماء الذين أخذوا العلم بقوة، وإن أبيتَ وركبتَ فيها الصعب والذلول فإني موقفك على حالٍ وأريد أن تبدي لي مشاعرك.

تخيل نفسك في جدالٍ جماهيريٍّ مباشرٍ في مسألةٍ دقيقة من مسائل العلم الكبار، تضل فيها أفهامٌ وتزل فيها عقول ولا ينجو إلا من نجّاه الله، لنقل مسألة تبديع فلان! وأنت في غمرة ردودك التفتَ إليك الخصم وقال لك، دعنا من هذه المسألة، وأخبرنا عن واجبات العمرة! نظرتَ يميناً وشمالاً فسُقط في يدك ولم تحرْ جواباً.

أنت بهذا وقعتَ في أمرين، الأول أن الحق أُتي من قِبَلِك، فقد يكون ذلك الفلان مبتدعٌ حقاً، ولكن ضعفك عن الجواب في مسألة من بدهيات طالب العلم جعل الجماهير والنظّارة والمارّة يرون ذلك الفلان من السنة وليس من البدعة في شيء، فجنيتَ على السنة بجهلك، والثاني أنك عرفت أنك لا شيء حين جهلتَ تلك المسألة.

أيها الصغير في علمه، الضعيف في عقله

إن العلم والعقل يضربان على قفاك وأنت لا تشعر، وقد ضرباني قبلك

بورك فيكم أجمعين أكتعين أبصعين

ـ[أبو عدي القحطاني]ــــــــ[08 - 09 - 09, 04:06 م]ـ

(3)

مرحباً بكم يا سادة يا كرام وسلامٌ من الله عليكم ورحمة منه وبركة

خلتي وصحبي

إن من صميم هذه الحلقات وخلاصتها الدعوة إلى اعتزال تلك المواضيع والإقبال على طلب العلم، فلذلك هي تعمّ كل صغيرٍ في العلم أياً كان توجّهه، لهذا فليست هي دعوة إلى تغيير المواقف والقناعات تجاه الأشخاص والجماعات والفئات، ابْق على ما أنت عليه أيها الصغير كما أنت إن أحْببْتَ، ولكنني أشجِّعك على الحفاظ على ثمرة عمرك وتوسيع رُقعةِ علمك الصغيرة، وحين يكون لديك العلم الكافي الشافي فعندها ربما تتغير قناعاتك كلها أو بعضها أو تثبت عليها كلها أو بعضها، بحسْب ما تراه موافقاً للحق.

دعوتي هذه لا تنافي بحالٍ ما عليه موقفي أنا من القضية الفلانية أو من الجماعة الفلانية أومن فلانٍ من الناس، لذلك ـ مع الفارق ـ نجد من سمْت العلماء أنهم لا يجيبون على بعض المسائل ولا يقولون رأيهم فيها لسببٍ عارضٍ من الأسباب، ونحن هنا لدينا سببٌ عارضٌ وقويٌّ ويحتاج كماً من السنين لإزالته وهو الجهل، فلذلك نتشبّه بالعلماء فلا نخوض في تلك المسائل المَعْنيّة.

في تركك لتلك المواضيع وإقبالك على طلب العلم ستجني بإذن الله سنابلَ من التوفيق في كل سُنبلة مائة حبة؛ بدءاً بشغل وقتك بقال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الأئمة الأعلام، مروراً بالابتعاد عن المهاترات التي في حواشيها تكمن المعاصي، من غيبةٍ وبهتانٍ وسبٍّ وشتمٍ وقسوةٍ في القلب وصدودٍ عن الذِّكْر، وانتهاءً بالزيادة في العلم، تلك الزيادة التي أمر الله نبيه وخليله صلى الله عليه وسلم بأن يدعو بها فقال تعالى وتقدس {وقل ربِّ زدني علما}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير