ثالثاً: غفلتهم عن الآخرة والوقوف بين يدي الله تعالى للجزاء والحساب، قال تعالى في ختام هذه الآية: وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [الروم:7]، وإنكار الآخرة والبعث بعد الموت والغفلة عن ذلك يؤدي إلى اختلال عظيم في موازين الحياة الدنيا، وأي إنسان لا ينظر إلا إلى الحياة الدنيا فقط؛ فلابد أن يكون علمه سطحياً ناقصاً، ولا يمكن أن يتصور الحياة تصوراً صحيحاً بكل ما فيها من أحداث، وكل ما ينبثق منها من أمور.
أما المؤمن بالله واليوم الآخر فيختلف تماماً في ميزانه للأمور، وتعامله مع الحياة، ومقاييسه لها؛ حتى وهو يبني ويعمر، ويتقدم في علوم المادة؛ فهو يتعامل معها من خلال موازين وسنن ثابتة تربط الحياة الدنيا القصيرة الفانية بالحياة الأخرى الأبدية الباقية، وهذا هو الفرق بين ما تنتجه الأمة الإسلامية المؤمنة من حضارة، وما تنتجه حضارة العصر الكافرة من حضارة. وحين نقارن بين الأمتين في هذا المجال يتبين: أنه لا يمكن أن يلتقي إنسان يؤمن بالآخرة ويحسب حسابها مع آخر يعيش لهذه الدنيا وحدها، ولا ينتظر ما وراءها، لا يلتقي هذا وذاك في تقدير أمر واحد من أمور هذه الحياة، ولا قيمة واحدة من قيمها الكثيرة، ولا يتفقان في حكم واحد على حادث أو حالة أو شأن من الشئون، فلكل منهما ميزان، ولكل منهما زاوية للنظر، ولكل منهما ضوء يرى عليه الأشياء والأحداث والقيم والأحوال، هذا يرى ظاهراً من الحياة الدنيا، وذلك -أي المؤمن- يدرك ما وراء الظاهر من روابط، وسنن شاملة للظاهر والباطن، والغيب والشهادة، والدنيا والآخرة، والموت والحياة، والماضي والحاضر والمستقبل، وعالم الناس والعالم الأكبر الذي يشمل الأحياء وغير الأحياء. وهذا هو الأفق البعيد الواسع الشامل الذي ينقل الإسلام البشرية إليه، ويرفعها فيه إلى المكان الكريم اللائق بالإنسان. لا يمكن أن تلتقي حضارة تبنى على الإيمان بالله واليوم الآخر، وحضارة تقوم على الكفر بالله وعدم الإيمان بيوم الحساب.
يا طلاب العلم! أيها الدارسون! أيها المتعلمون في فنون المعرفة! إن الأمة الإسلامية تنتظر منكم علماً نافعاً يغنيها عن غيرها، تنتظر منكم أن تقوم هذه الأمة بعلمها الشرعي أولاً وبعلومها الأخرى، تنتظر منكم أن تتحول هذه الأمة إلى أمة كما عهدناها رافعة الرأس شامخة تقود الأمم ولا تقاد، ينظر إليها بعين الرفعة والمكانة، لا كما هو حالنا اليوم!
أسأل الله تبارك وتعالى أن يوقظ أمة الإسلام؛ حتى ترجع إلى دينها رجوعاً صحيحاً، وحتى تتعلم علومها على منهاج شرعي صحيح. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم ارفع شأن هذه الأمة الإسلامية.
اللهم إنا نسألك أن توفق كل طالب علم إلى منهاج سليم في حياته.
اللهم إنا نسألك الإيمان، والعلم النافع، والعمل الصالح.
اللهم إنا نسألك أن تحبب إلينا الإيمان، وأن تزينه في قلوبنا، وأن تكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأن تجعلنا من الراشدين.
ـ[علي العسبلي الشهري]ــــــــ[07 - 10 - 09, 12:14 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة الطيبة
ـ[سلمان الحائلي]ــــــــ[07 - 10 - 09, 12:30 ص]ـ
جزيت الجنة و ياليت تنقل للشيخة صوتيات
ـ[سلمان الحائلي]ــــــــ[07 - 10 - 09, 12:31 ص]ـ
جزيت الجنة و ياليت تنقل للشيخ صوتيات
ـ[وذان أبو إيمان]ــــــــ[07 - 10 - 09, 12:32 ص]ـ
وعلى هذا فأي علم لا يوصل إلى الإيمان بالله، وخشيته وعبادته، فليس بعلم في الحقيقة،
وماذا نقول عن العلوم التجريبية التي لها حضور ضروري في حياتنا
علم صناعة السيارات والفلاحة وغيرها قد لايوصل إلي الإيمان بالله وخشيته وعبادته ونحن في أمس الحاجة إليه
أليس هذا علما؟
أقول هذا لأنه قد استوقفتني هذه العبارة وهذا الإشكال.
ـ[أبو حاتم المهاجر]ــــــــ[07 - 10 - 09, 10:36 ص]ـ
بارك الله فيكم وحفظ الله الشيخ