تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ثلاث تراجم نفيسة للأئمة الأعلام (ابن تيمية، البرزالي، المزي) للإمام الذهبي]

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[05 - 12 - 04, 09:03 ص]ـ

وهذا الرسالة نشرها محمد ناصر العجمي

ابن تيمية

الشيخ الإمام العالم المفسر الفقيه المجتهد الحافظ المحدث شيخ الإسلام نادرة العصر ذو التصانيف الباهرة والذكاء المفرط تقي الدين أبو العباس أحمد بن العالم المفتي شهاب الدين عبد الحليم بن الإمام شيخ الإسلام مجد الدين أبي البركات عبد السلام مؤلف الأحكام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني بن تيمية وهو لقب لجده الأعلى

مولده في عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة بحران

وتحول به أبوه وأقاربه إلى دمشق في سنة سبع وستين عند جور التتار منهزمين في الليل يجرون الذرية والكتب على عجلة فإن العدو ما تركوا في البلد دواب سوى بقر الحرث وكلت البقر من ثقل العجلة ووقف الفران وخافوا من أن يدركهم العدو ولجأوا إلى الله تعالى فسارت البقر بالعجلة ولطف الله تعالى حتى انحازوا إلى حد الإسلام فسمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر والكمال بن عبد وابن أبي الخير وابن الصيرفي والشيخ شمس الدين والقاسم الإربلي وابن علان وخلق كثير

وأكثر وبالغ وقرأ بنفسه على جماعة وانتخب ونسخ عدة أجزاء وسنن أبي داود ونظر في الرجال والعلل وصار من أئمة النقد ومن علماء الأثر مع التدين والنبالة والذكر والصيانة

ثم أقبل على الفقه ودقائقه وقواعده وحججه والإجماع والاختلاف حتى كان يقضى منه العجب إذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف ثم يستدل ويرجح ويجتهد وحق له ذلك فإن شروط الإجتهاد كانت قد اجتمعت فيه فإنني ما رأيت أحدا أسرع انتزاعا للآيات الدالة على المسألة التي يوردها منه ولا أشد استحضارا لمتون الأحاديث وعزوها إلى الصحيح أو إلى المسند أو إلى السنن منه كأن الكتاب والسنن نصب عينيه وعلى طرف لسانه بعبارة رشقة وعين مفتوحة وإفحام للمخالف وكان آية من آيات الله تعالى في التفسير والتوسع فيه لعله يبقى في تفسير الآية المجلس والمجلسين وأما أصول الديانة ومعرفتها ومعرفة أحوال الخوارج والروافض والمعتزلة وأنواع المبتدعة فكان لا يشق فيه غباره ولا يلحق شأوه هذا مع ما كان عليه من الكرم الذي لم أشاهد مثله قط والشجاعة المفرطة التي يضرب بها المثل والفراغ عن ملاذ النفس من اللباس الجميل والمأكل الطيب والراحة الدنيوية ولقد سارت بتصانيفه الركبان في فنون من العلم وألوان لعل تواليفه وفتاويه في الأصول والفروع والزهد واليقين والتوكل والإخلاص وغير ذلك تبلغ ثلاث مئة مجلد لا بل أكثر وكان قوالا بالحق نهاء عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم ذا سطوة وإقدام وعدم مداراة الأغيار ومن خالطه وعرفه قد ينسبني إلى التقصير في وصفه ومن نابذه وخالفه ينسبني إلى التغالي فيه وليس الأمر كذلك

مع أنني لا أعتقد فيه العصمة كلا فإنه مع سعة عمله وفرط شجاعته وسيلان ذهنه وتعظيمه لحرمات الدين بشر من البشر تعتريه حدة في البحث وغضب وشظف للخصم يزرع له عداوة في النفوس ونفورا عنه وإلا والله فلو لاطف الخصوم ورفق بهم ولزم المجاملة وحسن المكالمة لكان كلمة إجماع فإن كبارهم وأئمتهم خاضعون لعلومه وفقهه معترفون بشفوفه وذكائه مقرون بندور خطئه لست أعني بعض العلماء الذين شعارهم وهجيراهم الاستخفاف به والازدراء بفضله والمقت له حتى استجهلوه وكفروه ونالوا منه من غير أن ينظروا في تصانيفه ولا فهموا كلامه ولا لهم حظ تام من التوسع في المعارف والعالم منهم قد ينصفه ويرد عليه بعلم وطريق العقل السكوت عما شجر بين الأقران رحم الله الجميع وأنا أقل من أن ينبه على قدره كلمي أو أن يوضح نبأه قلمي فأصحابه وأعداؤه خاضعون لعلمه مقرون بسرعة فهمه وأنه بحر لا ساحل له وكنز لا نظير له وأن جوده حاتمي وشجاعته خالدية ولكن قد ينقمون عليه أخلاقا وأفعالا منصفهم فيها مأجور ومقتصدهم فيها معذور وظالمهم فيها مأزور وغاليهم مغرور وإلى الله ترجع الأمور وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك والكمال للرسل والحجة في الإجماع

فرحم الله امرءا تكلم في العلماء بعلم أو صمت بحلم وأمعن في مضايق أقاويلهم بتؤدة وفهم ثم استغفر لهم ووسع نطاق المعذرة وإلا فهو لا يدري ولا يدري أنه لا يدري

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير