تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أعظم النعم بعد نعمة الهداية - الشيخ محمد المختار]

ـ[أبو عدي القحطاني]ــــــــ[25 - 03 - 10, 10:27 ص]ـ

فضيلة الشيخ: ما نصيحتكم لرجل يريد أن يقبل على الله تعالى بالتوبة النصوح ويجبر التقصير في الماضي، ما نصيحتكم له؟ مع الدعاء له بالثبات وجزاكم الله خيراً.

الجواب:

التوبة والإنابة إلى الله عز وجل النعمة التامة والعطية الكاملة من الله عز وجل، والفوز المبين الذي لا فوز مثله، {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}، حينما يخرج العبد من ولاية الشيطان إلى ولاية الرحمان، ومن معصية الله إلى طاعته، ومن غضبه وسخطه إلى حبه ورحمته، حينما يخرج من الظلمات إلى النور ومن الشقاء إلى السعادة ومن الرذائل إلى قمم الفضائل، تسمو نفسه وتزكو روحه، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}، يخرج ولي الله إلى طاعة الله ومحبة الله ومرضاة الله، فمن الناس من إذا فُتحت عليه أبواب الهداية فُتحت على التمام والكمال، فأنطلق إلى ربه مستجيباً منيباً أوّاهاً صالحاً ظاهراً وباطناً مخبتاً إلى الله على أتم الوجوه وأكملها وهذا بخير المنازل عند الله عز وجل، ومن أصدق ما يكون ذلك أن يتفرغ لأحب الأعمال إلى الله وأزكاها عند الله وهو طلب العلم، فليس هناك نعمة بعد الهداية أعظم عند الله من نعمة العلم، فإذا أُخذ من هذا السبيل الذي هو سبيل الشقاء إلى هذا السبيل الذي هو سبيل السعادة، وأراد الله عز وجل أن يتمم عليه النعمة وأن يكمل عليه الفضل رزقه حب القرآن وحب السنة وحب حلق العلم وحب العلماء أمواتاً وأحياء، واشتغل بالعلم قائماً وقاعدا واشتغل بالعلم في أمره وشأنه، عملاً ودعوة وتعليماً وإرشاداً للناس، فإذا كان بهذه المنزلة فإنه بخير المنازل عند الله عز وجل، وهذا هو الذي أوصي به أن يسمو المهتدي إلى أعلى المراتب وأحبها إلى الله عز وجل والله عند حسن ظن عبده به.

فلا يقول الشيطان لك: من أنت حتى تطلب العلم؟ وكنت تقول؟ وكنت تفعل؟

فهذا عمر بن الخطاب الذي حمل سيفه لقتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلبه الله إماماً من أئمة المسلمين، وديواناً من دواوين العلم والعمل والصلاح والدين حتى صار مُحَدَّثاً مُلْهَمَاً رضي الله عنه وأرضاه {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}.

يا هذا أوصيك بالعلم الذي يثبت الله به القلوب على طاعته، وإذا جئت تطلب العلم راعيت حرمته وأدبه وحقه وحقوقه، فكنت طالب علم كما يحب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، كما يحب الله ويرضى صالحاً في قلبك صالحاً في لسانك صالحاً في عملك، لا تأتي حلق العلم وعندك أدران من الجاهلية نقي السريرة زكيَّ السيرة تسمو بنفسك إلى معالي الأمور تريد أن تقوم وتسدد منهجك على طاعة الله ومحبة الله، فإذا نظرت إلى نفسك ما أوصيك بشيء مثل العلم والعمل، وتأتي إلى هذا العلم مخلصاً من قلبك محباً لربك ترجو رحمته وتخشى عذابه، فإذا جئت إلى هذا العلم خالصاً مخلصاً لوجه الله وأعطيت العلم حقه من الضبط والإتقان والإلمام والفهم والحرص على قدر استطاعتك وطاقتك، فإذا فعلت ذلك انطلقت بعد ذلك للعمل والتطبيق وحرصت على كثرة الخير من الصلوات والدعوات والأعمال الصالحات فأنت بخير عند الله عز وجل، وسيبوئك الله مبوّأ صدق في الدنيا والآخرة، وستقر عينك وينعم بالك فبالعلم يتيسر لك الطريق إلى الجنة، من اهتدى ففتح الله له باب العلم فقد فتح له باب رحمته الذي لا عذاب بعده أبدا، "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقاً إلى الجنة"، فيا باغى الخير يا من اهتديت إلى الله أوصيك بأمرين:

أولهما: أن تحمد الله وتشكره وأن تعلم أن الله أعطاك نعمة ليس مثلها نعمة أبدا فأحمد الله على هذه النعمة.

ثانياً: أن تقبل على الله بالعلم والعمل والتطبيق والحرص على هذا العلم في جميع شؤونك وأحوالك، ولذلك رزق الله الصحابة الاهتداء إلى الإسلام والعلم بالشّريعة، فكانوا بخير منازل هذه الأمة وأعلاها درجة عند الله في الدنيا والآخرة رضي الله عنهم وأرضاهم وجعل أعالي الفردوس مسكنهم ومثواهم، فهذا الذي أوصيك به يا أخي في الله، وأن تجد وتجتهد وتستدرك ما فات وأن تحسن الظن بربك فإن الله ما هداك إلا وهو يريد بك الخير، فتقبل على الله بالمحبة وحسن الظن به وتعف لسانك عن أعراض المسلمين وتعف جوارحك وتكون مسلماً حقاً ولا تغتر بكونك طالب علم، وكلما تعلمت وكلما جالست العلماء وكلما قرأت عن العلماء ازددت تواضعاً واحتقاراً لنفسك وتوطئة لكنفك حتى يبوئك الله بهذا العلم مبوّأ صدق يرضى عنك فيه في الدنيا والآخرة، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يثبّتنا وإيّاك على الحق والصراط المستقيم وأن يجعلنا وإيّاك هداة مهتدين إنه وليّ ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

[من شرح عمدة الفقه بالمسجد النبوي]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير